مستغرَب الموقف الروسي مما يجري في سورية. فهو في العلن مؤيد للنظام، فيما نرى دبلوماسييه يروجون لتنحي الرئيس بشار الأسد. ولنا من تصريحات السفير الروسي في باريس الكسندر أورلوف الذي أبلغ إذاعة فرنسا الحرة وصحيفة "لو باريزيان" أن الأسد "يوافق على التنحي" ولكن "بطريقة حضارية" مثال.
وعلى الرغم من النفي الذي أعلنته مصادر في الخارجية الروسية لما قاله نائب وزير خارجيتها ميخائيل بوغدانوف لـ"الوطن" حول تنحي الأسد، وفقد شقيقه ماهر لساقيه بانفجار "خلية الأزمة" في مبنى الأمن القومي، فإن الماء كذب الغطاس ونشرت "الوطن" التسجيل الصوتي لبوغدانوف مما قطع الشك باليقين.
مواقف الحكومة الروسية في عصر بوتين، تخلو من الالتزامات المبدئية، وهي تعبير عن مصالح إمبراطورية توسعية، يسعى بوتين من ورائها إلى التماهي مع الدول الكبرى، مع أنه يعلم حجمه الطبيعي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
فالوصول إلى المياه الدافئة، على الساحل السوري، التي حققتها الحقبة السوفييتية مرشحة للتقلص والعودة إلى جليد المحيط المتجمد الشمالي، إذا لم تبادر الدبلوماسية الروسية إلى محاكاة الواقع كما هو، والابتعاد عن منطق التاجر الذي يروج لبضاعته بالأسلوب الدعائي.
قد تكون لعبة الروليت التي برع بها الروس في شد أعصاب خصومهم، نجحت في الماضي، وهي حتما ستنجح اليوم إذا ما أتقنت القيادة الروسية استخدامها.. بواقعية.