قبل أكثر من خمسة وعشرين عاما دخلت الدكتورة فاطمة الملحم غرفة الأشعة في سنتها الامتياز، واكتشفت لأول وهلة أن هذه الغرفة مفتاح التشخيص الأول، والخطوة الأولى لاكتشاف أي مرض، الأمر الذي جعلها تتعلق بهذا القسم، وقررت العمل به.

وفي الوقت الذي كان الرجل يستحوذ على غرف الأشعة وأجهزتها المعقدة، تمكنت الطبيبة السعودية من التغلب على مخاوف المحيطين بها والمحذرين من دخول هذا المجال، حيث كان من يدخل فيه معرضا في حالة عدم اتخاذ الإجراءات الطبية ـ للعقم وتشوه الأجنة، واستطاعت فاطمة أن تقتحم هذا المجال الطبي المثير والمهم، وبعد عشرين عاما تولت رئاسة قسم الأشعة بالمستشفى الجامعي بالخبر، لتنطلق في مشاركات عالمية، وتحصل على جوائز علمية، وتصل إلى درجة البروفيسورة فيه.

"الوطن" قابلت الدكتورة فاطمة الملحم في صومعة الأشعة، وسألتها عن الصعوبات التي واجهتها في هذا المجال، فقالت "في البداية جوبهت باعتراضات على دخولي هذا القسم، وقيل لي إن أحدا لن يتقدم لخطبتي لاحتمال إصابتي بالعقم، فقد كانت الإشعاعات أقوى سابقا، إلا أن الاحتياطات العالمية وهي ارتداء لباس من مادة الرصاص تحمي جسد الطبيب من تأثيرات الأشعة".

وأضافت "ولكن السنوات مرت، وتبددت تلك المخاوف، حيث تزوجت، وأنجبت طفلا وأنا على رأس العمل، ولم أبتعد عن القسم بالهروب في إجازة"

وتؤكد الملحم أنها أول سيدة سعودية تخترق جدار الخوف من طب الأشعة، وأول سعودية في الشرقية خريجة زمالة في هذا التخصص، كما أنها أول سيدة تجري عمليات القسطرة، التي وصل عددها لأكثر من 1000 قسطرة بعدد حالتين أسبوعيا، كما تعد أول سعودية تشارك في إعداد بحوث عالمية، ومنها المؤتمر الأوروبي للأشعة، الذي عقد في فيينا، والذي شاركت فيه ببحث عن أهمية الأشعة المغناطيسية في تشخيص أمراض السرطان في العظام، كما حصلت على المركز الأول على جائزة الأمير عبدالعزيز بن نواف العلمية بالمملكة.

وحول طبيعة عملها في مجال الأشعة تقول الملحم: "يختلف عمل طبيب الأشعة عن عمل الفني، إلا أنهما يتعرضان للإشعاعات نفسها، و50% من عمل طبيب الأشعة هو قراءة الأشعة والتشخيص.

ولم تخف الملحم وجود خطورة لمن يعمل في قسم الأشعة، مشيرة إلى وجود جهاز لقياس نسبة تعرض الجسم للإشعاعات تتم قراءته شهريا، وإذا زادت نسبة الإشعاعات في جسم موظف يتم استبعاده عن العمل في القسم، وتحويله إلى العمل المكتبي، وقالت "من أهم المشكلات التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان بسبب التعرض للأشعة الإصابة بسرطان الدم، وتشوه الأجنة، والعقم، وتختلف نسبة تحمل الجسم للأشعة من إنسان إلى آخر، وهناك تقنية وفرتها الأجهزة الحديثة تساهم في تقليل نسبة الإشعاعات الخارجية التي يتعرض لها المريض، أو من يعملون في غرفة الأشعة سواء أكان طبيبا أو فني تصوير"، مشيرة إلى أن هذه التقنية الحديثة خفضت نسبة التأثر إلى الثلث.