المظالم: يصدر حكما بنقل مرمى ومكب النفايات والصرف.. وجهات رسمية تؤكد خطورتها على الإنسان


أثار انتشار الأمراض في أغلب منازل قرية السعدية التابعة لمحافظة صامطة بمنطقة جازان، مخاوف ساكنيها إذ لا يكاد يخلو منزل من منازل القرية من حالة مصابة بالربو أو اضطرابات بالقلب أو ضيق بالتنفس، إضافة إلى ما تتعرض له الجروح من تلوث، ما دفع بعدد من الأهالي إلى ترك منازلهم، إما الفقراء الذين لا قدرة لديهم على استئجار منازل فبات الحل الوحيد لهم جهاز الأوكسجين.

أهالي السعدية وجهوا أصابع الاتهام إلى مرمى النفايات وبحيرة الصرف الصحي في انتشار تلك الأمراض وفي حرمانهم مساحات كبيرة من مزارعهم. مسنون اعتادوا على النوم في أفنية منازلهم لكن الروائح أجبرتهم على المبيت داخل البيوت وحرمتهم من استنشاق هواء نقي.

وعلى الرغم من إصدار ديوان المظالم حكماً بنقل المرمي (حصلت "الوطن" على نسخة منه)، فإن أمانة جازان لم تحرك ساكناً بعد. "الوطن" زارت المواقع المتضررة وكشفت جوانب الخطر ووضعت القضية برمتها على طاولة الجهات المعنية في محاولة جادة لوضع الحلول والطرق الاحترازية قبل وقوع الكارثة.

سامي وسامية شقيقان أسرتهما الإعاقة وزاد من معاناتهما إصابتهما بالربو وضيق التنفس. فسامي مصاب بضعف في عضلة القلب وفي حاجة لرعاية طبية، بينما تنتظر سامية من يتكفل بعلاجها خصوصاً أن حالتها تستدعي نقلها إلى المستشفيات المتخصصة.

وقال والدهما محمد العريشي إنهما لم يصابا بالربو الا بعد سنوات من ولادتهما حيث إن منزلنا لا يبعد عن مرمى النفايات وبحيرة الصرف الصحي إلا مسافة قليلة، إضافة إلى مرور صهاريج الصرف الصحي على مدار الساعة بجوار منزلنا، مشيراً إلى أن تلك الأسباب مجتمعة أدت إلى إصابتهما بالربو ما زاد من معاناتهما مع الإعاقة خصوصا أثناء نومهما. وأوضح العريشي أن ابنه سامي مصاب بثقب بطبلة الأذن ونظره في نقص مستمر ولديه مشكلة في عضلة القلب لافتا إلى أن الأطباء بمستشفى الملك فهد بجازان قاموا بتحويل ابنته سامية إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي وإلى مدينة الملك فهد الطبية إلا أنه لم يحدث تجاوب بشأن حالة ابنته مناشدا المسؤولين بوزارة الصحة إنهاء معاناة ابنته مع الإعاقة التي تتفاقم يوما بعد يوم وأضاف زوجتي مريضة مصابة بضعف شديد في النظر أشبه بالعمى وليس باستطاعتي مقاومة تلك الظروف بسبب دخلي المحدود.

زينب القيسي (تسعينية)، يستقبل أنينها زائر منزلها. فهي أجرت أربع عمليات بالقلب بمدينة الملك فهد الطبية، وزادت الروائح من أنينها وألمها ولا تأمل إلا في تأمين مسكن خارج قريتها لأن منزلها أصبح منطقة موبوءة يجبرها على تغطية نصف وجهها على مدار الساعة. ولم تكن قصة المسنة زينب والمعاق سامي هي الأخيرة مع الأزمات القلبية بقرية السعدية التي لا تعرف الهواء النقي، فالطفل محمد علي أصبح يعاني آلاما مزمنة بالقلب وضيقاً في التنفس، وأجريت له سبع عمليات في قلبه. وقال والده محمد العريشي إن ابنه أحد ضحايا التلوث البيئي بسبب قرب مرمى النفايات وبحيرة الصرف الصحي اللذين ينذران بحدوث كارثة بيئية وصحية إذا لم يتدارك المسؤولون الأمر.

وأضاف لم أعد أفكر في إكمال منزلي المكون من دورين وذلك بسبب الزيادة في انتشار تلك الروائح التي من المستحيل أن يتحملها إنسان، لافتا إلى أن كثرة مراجعاتهم إلى المستشفيات أعاقتهم عن الذهاب إلى أعمالهم. أحمد محمد سبعيني يسكن أطراف قرية السعدية، اعتاد النوم في الفناء الخارجي لمنزله، و"لكنني بسبب تلك الروائح أجبرت على النوم تحت أجهزة التكييف هروباً من الأدخنة المتصاعدة من مرمى النفايات ومن الروائح الكريهة المنبعثة من بحيرة الصرف الصحي".

أما محمد حمد فيشير إلى نفوق عدد من مواشيه بسبب رعيها بالمناطق الموبوءة، مضيفا إلى أن هناك مساحات شاسعة كانت مخصصة للزراعة تحولت لمرمى للنفايات والصرف الصحي. ويشير محمد أبو سعود إلى أنه بعد كثير من المطالبات أصدر ديوان المظالم حكماً بإغلاق المرميين قبل 8 أشهر، إلا أن أمانة جازان وبلدية صامطة لم تنفذا الحكم، لافتا إلى أن بلدية صامطة تقوم بإنشاء مبنى حديث لإحراق الحيوانات النافقة ما سيزيد من معاناة الأهالي.

محافظ صامطة

وفي اتصال هاتفي بمحافظ صامطة عبدالعزيز الجريوي، أفاد بأنه في اجتماع بإمارة جازان ومن الممكن التواصل مع رئيس بلدية المحافظة. وتم الاتصال برئيس بلدية المحافظة المهندس محمد القحطاني الذي أوضح أن مرمى النفايات ومرمى الصرف الصحي يتبعان لبلدية الطوال وتم اختيارهما من قبل لجنة مختصة. وعن حكم ديوان المظالم الذي يقضي بإغلاق المرمى، أوضح القحطاني أنه "لم يصل بلدية المحافظة شيء بشأن ذلك".

من جانبه كشف عضو المجلس البلدي ببلدية الطوال محمد بن علي بشيري أن هناك كثيرا من القرى تضررت وليست قرية السعدية فحسب، وهناك مساحات كبيرة كانت بمثابة الاعتماد الأول كمصدر زراعي للمنطقة وللمملكة على وجه العموم أتلفت وتحولت إلى مرمى للنفايات والصرف الصحي وأثرت بشكل كبير في مخزون المياه الجوفية بتلك المناطق حسب التقرير الصادر من هيئة الأرصاد وحماية البيئة. وأوضح البشيري أن هناك مبنى آخر تقوم بلدية صامطة بإنشائه في الموقع نفسه وهو مخصص لحرق الحيوانات النافقة سواء التي يتم القبض عليها من قبل جمرك الطوال أو ما يتم ضبطه خلال موسم الحج الذي سيضيف منطقة وباء جديدة إلى القرى المجاورة وثالوثا خطيرا ينذر بحدوث كارثة. وأضاف أن بلدية صامطة اعتدت على الموقع كونه يتبع لمركز الطوال فهي الجهة المنفذة لمرمى النفايات والصرف الصحي ومحرقة الحيوانات. وعن الحكم الصادر لديوان المظالم أوضح عضو المجلس البلدي ببلدية الطوال أن الحكم صدر بالفعل وتم عرض جميع الأوراق الخاصة بقضية مرمى النفايات والصرف الصحي وتم الانتقال إلى الموقع وقامت اللجنة بتصويره وبعدها اجتمع رئيس مركز الطوال باللجنة وتم تحديد موعد مع محافظ صامطة عبد العزيز الجريوي وذلك لعرض الموضوع بكامل مستجداته.