نقاط هامة طُرحت في الندوة الختامية حول التراث واللغة التي عقدت في المجلس الرمضاني بقصر الثقافة بالشارقة منذ أيام، ولعل من أهمها الخوف على اللغة، ومن هنا جاءت المبادرة التي أعلنها مدير مركز الشارقة الإعلامي أسامة سمرة للحفاظ على اللهجة المحلية الإماراتية بالتعاون مع إدارة التراث في دائرة الثقافة والإعلام بالإمارة، عبر مراقبة محتوى المواد الإعلانية باللهجة المحلية، بحيث تتم الموافقة عليها قبل ظهورها في قنوات مؤسسة الشارقة للإعلام.
هنا نتساءل، ألا يفترض أن نطلق مبادرة موازية تختص باللغة الفصحى وهي الأصل؟ مع العلم أن الاهتمام بالفصحى لن يؤثر على العامية السائدة في مختلف الدول العربية، وهي صارت أمرا واقعا منذ مئات السنين، فالأشد إلحاحا هو السعي للمحافظة على الفصحى ونشرها، فعصر الإنترنت الذي نعيشه يشهد هبوطا واضحا في مستوى الكتابة والإملاء لدى الجيل الجديد، وفي هذا الجيل من يكتبون العربية بحروف لاتينية وكأنهم أهل لغة أخرى، وبلغ بهم الأمر أن تحايلوا بالأرقام كبدائل للحروف التي لا يوجد ما يشبهها لفظا في اللاتينية، وهكذا لم يفقد الكثير من جيل الشباب قواعد لغته فحسب، بل فقدوا طريقة الكتابة أيضا.
تحدث في الندوة المشار إليها عبدالعزيز المسلم، وعبدالله المطيري، وعلي المطروشي، بحضور رئيس مؤسسة الشارقة للإعلام الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي. ومما عرجوا عليه موضوع تأثير الجاليات غير العربية على اللغة العربية. ولأن المسألة عايشتُها عن قرب في أكثر من دولة خليجية، فقد طرحتُ فكرةً أعيدها هنا بتفصيل أكثر بعد أن فوجئتُ بعدد غير قليل ممن أقاموا في دبي سنين طويلة ولم يتعلموا جملة عربية واحدة، ورأيتُ العرب في أكثر من دولة خليجية يتحدثون مع المقيمين غير العرب بلغة مكسرة أو بالإنجليزية وبالإشارة أحياناً.
محتوى الفكرة يتمثل بإخضاع كل من يأتي للعمل في دول الخليج لاختبار في اللغة العربية، ولا أعني بذلك قواعدها ونحوها بل الجمل الأساسية للتعامل العام مع الناس. فليس صعبا أن يقوم عدد من المتخصصين بإعداد كتيب من عشرين صفحة مثلا يحتوي على تلك الجمل والعبارات الأساسية بلغة ثالثة من المشترك في اللهجات الخليجية من قبيل "السلام عليكم، ومرحبا، وكيف الحال، وبكم تبيع هذه؟ وكيف أذهب للمكان الفلاني...."، وللتسهيل فإن ذلك الكتيب يكون بحروف لغات عدة، كاللاتينية والأردو والصينية... فليس المطلوب تعلم القراءة والكتابة، بقدر ما يُطلب تعلم عبارات الحياة اليومية. وفي المحصلة، أحسب أن القادمين للعمل سيحاولون تعلم عبارات أخرى لأنهم كسروا الحاجز مع اللغة، فنكون قد نفعنا الآخرين بلغة جديدة، ونفعنا أنفسنا بحماية لغتنا.