أعدّت مجلة "لانسيت" الطبية دراسة؛ نشرت عنها "الوطن" منذ بضعة أسابيع تفيد أن السعوديين حصدوا المرتبة الثالثة عالميا في الخمول البدني بنسبة تقارب 68.3%؛ وعَرّفته بعدم القيام بأي نوع من النشاطات الاعتيادية كالمشي لمدة 30 دقيقة لمرات أسبوعيا، أو نشاطات رياضية أخرى، واعتمدت الدراسة في نتائجها على بيانات منظمة الصحة العالمية، وبالمختصر المفيد، الدراسة أفادت بأننا نحن "طلعنا كُسالى" و"الكبسة عاملة عمايلها"!
لكن السؤال هل نحنُ كسالى فعلا؟ دعوني أكن صريحة جدا؛ لا شك أن الخمول والكسل يمكن أن يقاومه أي شخص يريد أن يحافظ على صحته ولياقته، والعديد من السعوديين لديهم هذا الحماس بممارسة رياضة معينة، على الأقل المشي، ولكن قلة من يثبتون بتحد كبير لظروفهم البيئية والاجتماعية، فالكثير يُحبطون بعد محاولات! والأسباب عديدة أهمها ثقل الأعباء الأسرية، لكون المرأة مُعطلة رغم استغلاها المادي، ما يشكل عبئا كبيرا على ربّ الأسرة لقضاء احتياجات البيت ومشاويره فلا يصل إلا على الكبسة ومنها إلى النوم! أيضا عدم توفر الظروف البيئية المهيأة في مدننا وشوارعنا المحفزة على الرياضة، وقد تناولت سابقا في مقال "دورات مياه.. أكرمكم الله" مدى المعاناة لعدم توفرها ووجودها من الأسباب المشجعة على التنزه وممارسة الرياضة خارج البيت؛ أيضا عدم توفر أرصفة المشاة للأصحاء وحتى المعاقين بمختلف الأحياء؛ وحين تتوفر ففي مناطق قليلة يحتاج الوصول إليها لقطع مسافة ووقت يكون الواحد فيها "انحشر" فلا يجد دورة مياه! هذا طبعا للرجل أما المرأة فمع الأسف لا تتوفر لها أندية رياضية وما يتوفر فهو باهظ، ناهيكم أنها في الأساس محرومة من هذه الثقافة لعدم توفرها في المدارس، رغم إتاحتها بالمدارس الأهلية التي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم ذاتها! أما مدارس الأولاد فهي حصص لعب وترفيه أكثر منها رياضية ولا تؤسس لثقافة بدنية تلازمهم!
أيضا نفتقد الأماكن والخيارات الترفيهية المحفزة للقيام بنشاطات أخرى تبعدنا عن الخمول والنوم، فلا مسرح ولا سينما ولا مقاهي ثقافية بظل وجود أندية أدبية باتت تشبه الجامعات بما تقدمه من محاضرات جامدة وروتينية تناسب "المتقاعدين" و"الأكاديميين" لا الشباب! ولهذا يعزف الكثيرون عنها، وتبقى أمامنا خيارات محدودة لا تزيد عن الذهاب إلى "المولات" المليئة بالمطاعم لتناول الأكل، أو إلى "استراحة وجلسة البلوت" أو إلى النوم في البيت والجلوس على "الكنبة" أمام التلفاز أو على الإنترنت والتواصل الافتراضي! أما مسألة حرارة الجو التي يتخذها بعضهم سببا لعدم مزاولة الرياضة فأظن فترة المساء تُمكن من ذلك لو توفرت لدينا بيئة محفزة!
باختصار: السعوديون ليسوا كسالى وليست "الكبسة" المتهمة! ولكن خياراتهم محدودة وظروفهم تؤدي بهم إلى الكسل والخمول! ومنها إلى أمراض السكر والهشاشة وضغط الدم والفشل الكلوي، فكان الله في عون وزارة الصحة ومستشفياتها التي ستنفجر بنا!