علكم لاحظتم أن التغريد عبر تويتر قد رفع نسبة (الخلط) في الكلام كثيرا! وبعضكم يتساءل عن سر شيطان تويترالذي يتلبس بعض الناس ومنهم من عاش عمرا قبله حريصا على رزانة القول والفعل؟ الجواب ببساطة هو شرط تويتر الباهر والجديد على ثقافتنا العربية، أنها معجزة المئة وأربعين حرفا، في هذا التويتر يلزم عمرو بن كلثوم أن يختصر فكرته التائهة في أكثر من مئة بيت إلى بيت واحد، ولن يكون هذا البيت سوى اعتراف بارتكاب جريمة قتل لسبب لن يحترمه القضاء!
لقد اعتدنا على أن نقول كثيرا ولا نفصح عمّا في أنفسنا، وجديد تويتر هو أن (نسكب) أنفسنا أمام الناس سكبا، علينا أن نحذف هوامش الكلام ، والتواءات الحديث، ومميعات المقاصد. واليوم يتفاخر الكثيرون بعدد تابعيهم في تويتر، دون إدراك بأن عدد تابعيك قد يعني عدد البشر الذين يعرفون أن (ماعندك سالفة)، ومع ذلك فإن هذا الحضور الطاغي للأفراد في تويتر لن يستمر، وسوف تتبخر الملايين من أرصدة الأكثرية مع توالي حركات التصحيح ، كما تبخرت في سوق الأسهم.
هناك نظرية لعالم الاتصال الكندي مارشال ماكلوهان ( 1911- 1980) تقول: "الوسيلة هي الرسالة"، ويعني بذلك أن استخدام وسائل الإعلام الجديدة تصبح هدفا في حد ذاتها كتعبير عن مسايرة الفرد للعصر، دون النظر إلى المحتوى وأهميته، وهذا مايحدث الآن في الإعلام الجديد، وقريبا سوف تبلى الوسيلة مع كثرة استهلاكها، فحينما تصبح الحوانيت بالملايين يكون الزبائن بالآحاد، والعكس صحيح، ولكن لن نعدم أبدا من لديه مايقوله ويعرف كيف يقوله (أما الزبد فيذهب جفاءً).