أقف ملياً أمام الرسالة الهاتفية التي لا تخلف موعدها في مثل هذه الأيام من كل عام، وفيها نبوءة موعد وشيك لراتب شهر لموظفي الدولة. وبالطبع هي رسالة حبلى بالإشاعة ولها أهداف باطنة ليس المجال لذكرها في هذه اللحظة. وموقفي الشخصي أنني ضد أن تتحول الإشاعة على هذه الشاكلة إلى حقيقة. مثل هذه الطريقة من الدعم المالي إنما تقف في صفوف القادرين، وسأبدأ بنفسي حين أقول إنها ظالمة حين تقف مع أستاذ الجامعة أو موظفي المراتب العليا، وإن المحتاجين الحقيقيين لمثل هذا الراتب الإضافي إنما يدفعون ضعفه بطريقة فورية مباشرة. فرق هائل أن تضيف لراتب – كبار المراتب – عشرين ألف ريال تذهب لتبقى في الحساب البنكي وبين أن تدفع للمحتاجين من صغار موظفي الدولة ما معدله خمسة آلاف ريال في أفضل الحالات ثم يلتهمها السوق الذي سينتفض مباشرة متضخماً بفضل سيولة فورية. سأعيد اقتراحي القديم بأن تظل مثل هذه المكارم العليا من ولي الأمر مقلوبة في الهرم المالي بحيث تتدرج من الأعلى إلى القاعدة. وعلى سبيل المثال 10% لأعلى مرتبة إلى أن تصل إلى 150% إلى الراتب الأدنى في سلم رواتب موظفي الدولة. العدالة أن تقف مع الضعيف لا أن تسند هيكل القادر العظمي وهو الذي لا يعيش هشاشة العظام مثل أصحاب المراتب الدنيا من حوله. أي سيولة فجائية تبرهن أن لها وقع النار في هشيم السوق ثم تتحول إلى رقم مستديم في أرقام التضخم. يفرح بها الجميع لأسبوع دون أن يدركوا أنهم يدفعون الضريبة مضاعفة طوال العام. ومن المؤكد بمكان أننا نفتقد إلى قاعدة معلومات شفافة صادقة وواضحة حول وضع الشرائح الاجتماعية المختلفة وبالخصوص عند الحديث عن الإعانة أو الإضافات أو القروض من المال العام. لا نعرف من هو المستحق الحقيقي من غيره في كثير من أفكار الدعم المختلفة. لا نعرف مثلاً، عدد البيوت المملوكة للأسر السعودية، ولا نملك الإحصاء المقابل عن شرائح الذين ما زالوا يحلمون بالمنزل. لا نعلم عن البناء الديموجرافي للأسر مقاربة مع حجم الدخل الفردي. والخلاصة أنني ضد أن تكون العدالة في صف الغني على حساب الفقير. أنا ضد الراتب الإضافي الذي يعطي موظف الخامسة عشرة ثلاثة أضعاف ما يعطي موظف الخامسة. أنا ضد قرض السكن الذي يذهب لمن يمتلك منزلاً حتى ولو كان على الانتظار لعقد في صندوق التنمية.