واضح أن مسلسل "ناجي عطالله" ينتمي للمرحلة الزمنية قبل أن يعرف العالم درعا وبنغازي وكافة قاموس الربيع العربي.. الأحداث تشي بذلك, المدائح, حضور حزب الله, لغة الممانعة, البكائيات المهدرة على العروبة وفلسطين والمظلومية السياسية.. باقة حسيات سياسية.

يوسف معاطي كاتب العمل واضح أنه معجب بفكرة فيلم أكيرا كيراساوا الشهير "الساموراي السبعة" 1954 والذي نقله عادل إمام نفسه في "شمس الزناتي" 1995 وعالميا حاول سيرجيو ليوني أستاذ أفلام رعاة البقر والغرب المتوحش محاكاة التجربة اليابانية قبل معاطي وإمام بسنوات طوال في "العظماء السبعة" 1960 فيما كان "أرماجدون" 1994 نسخة هوليودية باهظة الكلفة عن الفكرة الأساسية, هناك أنقذ اليابانيون قرية صغيرة في بلادهم البعيدة وماتوا, بينما الأميركان ينقذون الكرة الأرضية من نيزك كوني سيصدم بها ولا يموتون.

خيال والخيال مجاني ومتاح، لكن معاطي ترك ذلك وأراد تجريب المجرب مع بطولات من هنا "وفكاكه" من هناك مضاف لها دندنات سريعة على قضايا شعبية مصرية وعربية كالتطبيع والصراع مع إسرائيل، وقليل من الغرائز السياسية مع بهارات من العراق ولبنان وحصار غزة.

"بكش" درامي وميزانيات مفتوحة ومشاهدة مضمونة مع "الزعيم".. لكن الزمن تغير, لم يعد الزعماء يخيفون أحدا, لم تعد الحشود مهمتها الهتاف, تبدلت الأولويات وتشيطنت القداسات, ولم تعد مصطلحات المقاومة والممانعة تثير، والذين حملوها عقودا انقلبوا على أعقابهم طائفيين, انشغل العرب بثوراتهم, تراجعت فلسطين عن نشرات الأخبار, تخندق الجنون المذهبي, تترنح مصر في محاولة ترتيب الثورة فيما يجهد ثوار سورية بحماس لإسقاط طاغيتهم.. انهار النظام العربي القديم الذي يحاكيه المسلسل، وحين تخلع الشعوب ديكتاتورياتها السياسية فمن غير المنطقي أن تذعن لديكتاتوريات الشاشة.

مرحلة ثورية بكل ما فيها، وضد مفهوم "الزعيم" سياسيا كان أو فنانا, هكذا هي الحياة تصل لغيرك لأنها لا تدوم لك.