سأقول (ربما) ما لم يجرؤ أحد على البوح به من قبل، إن علة الخطوط الجوية العربية السعودية التي أفقدتها ثقة الجمهور العريض، لم تكن بأكثر من إرثها الطويل في أن تكون (كانتوناً) إدارياً محتكراً ومغلقاً، وكأن هذه المؤسسة الوطنية مجرد مشيخة قبيلة. وكل ما أخشاه أن ينتهي ناقلنا الوطني إلى ساحة الحراج أو التصفية، لأنها بالضبط تسير اليوم على خطى (سمارك) و(بترومين)، هاتان المؤسستان اللتان اكتشفنا فيهما بعد زمن طويل من الجعجعة أنهما مجرد داري حضانة للمنتفعين أو فكرة ضمان اجتماعي للصرف على مخصصات التنفيذيين ورسوم الكراسي الإدارية الذهبية. وابحثوا في القواسم المشتركة ما بين (السعودية) وبين بنات عمها لتجدوا أن العلة تكمن في الإطار الإداري المغلق وفي احتكار المناصب وسدة القرار وفي الإرث الطويل من – التوارث – الإداري وكأنها تركة عائلية. لماذا لا تفرد الخطوط السعودية أمام أبناء الوطن الواحد قائمة بأسماء من يتسنمون أعلى مئة منصب إداري في هرم هذه المؤسسة ثم توزع الأسماء على الخريطة الوطنية لنعرف بالضبط أين يكمن الخلل؟ ودعك من الجواب الساذج عن أهم خمسة أسماء أو عشرة، لأن كل من (دون هؤلاء) هم الزيت المحرك لمفاصل الشركة. من أبسط الحلول أن تنتقل إدارة المؤسسة إلى – القلب – الآخر في الرياض، لكن الأكثر منطقاً وعقلاً أن نعيد النظر تماماً في المظلة الإدارية الشاملة لهيكلة المناصب التنفيذية في هذه الشركة. مازلت مؤمناً أن أسوأ أنواع البيئات الإدارية هي تلك (المتجانسة) على دم قلب واحد، وأن أفضل هذه البيئات هي تلك التي تخضع للرقابة الاجتماعية الواسعة إذا ما تعددت المشارب والخلفيات الإدارية التي تعمل بها إدارة أي مؤسسة إدارية وطنية. مازلت مؤمناً أن الخطوط السعودية هي ناقلنا الوطني ولكن أبرز معضلاته أن التنوع الوطني غير مشمول في مناصبه الإدارية.