صرحت الخطوط الجوية السعودية في مجلة (أهلاً وسهلاً) الصادرة عنها بتاريخ يونيو 2010، أنه تم استلام العديد من الطائرات الجديدة من طراز "إيرباص" حيث ستشكل هذه الطائرات الجديدة إضافة جوهرية ومهمة للمنظومة التشغيلية للخطوط السعودية على القطاعات الداخلية والدولية، وتتضمن هذه الطائرات حسب ما جاء في التصريح قمة التجهيزات التقنية والخدمات المتميزة التي تجعل السفر مع "السعودية" مصدراً للسعادة وتقديم خدمات أفضل للركاب.

كما أضاف التصريح أنه يتواكب مع هذه النقلة النوعية الجديدة في خدمات الركاب من خلال التقنية الحديثة التي يمكن للمسافرين من خلالها وبشكل ذاتي إجراء الحجز، وشراء التذاكر والدفع الإلكتروني سواء عن طريق البطاقات الائتمانية أو نظام سداد، بالإضافة إلى اختيار المقاعد، وإصدار بطاقات الصعود إلى الطائرة.

التصريح السابق من قبل الخطوط السعودية يعد تعهداً والتزاماً من قبلها لتقديم هذه الخدمات على أكمل أوجه، وهذا الالتزام يقع تحت مفهوم (المساءلة) التي تم تعريفها من قبل المنظمات الدولية والمهنية المختصة بالمساءلة والرقابة على أنها واجب تحمل مسؤولية تنفيذ لما تم التعهد به، وهي مرادفة للمسؤولية، وتقوم عندما يتحمل شخص (مادي أو معنوي) التزاماً يتعلق بالقيام بدور أو بتنفيذ عمل ما.

وبالطبع يستلزم لتنفيذ هذا الالتزام توفر الموارد المالية والبشرية، ولمتطلبات المساءلة يتطلب تقديم حسابات وتقارير مالية وإدارية تشغيلية توضح كيفية تنفيذ هذا الالتزام من قبل "السعودية"، والموارد المالية تتكون من الأموال العينية أو النقدية التي تساهم بها الخزانة العامة للدولة، والقروض التي تعقدها المؤسسة، أو الدخول التي تحققها من ممارستها لأنشطتها.

ولأغراض المساءلة يعد مجلس إدارة المؤسسة ميزانية سنوية وحسابات الأرباح والخسائر، وتقريراً مفصلاً عن نشاطها خلال سنتها المالية وعن مركزها المالي في ختام السنة ذاتها.

ولإضفاء الثقة والمصداقية على هذه الحسابات والتقارير حتى يتم الاعتماد عليها من قبل السلطة التشريعية أو المستفيدين منها، فيتم مراجعتها من قبل جهات مستقلة ومحايدة مثل ديوان المراقبة العامة ومراجعي الحسابات، وذلك من خلال إبداء الرأي الفني حول عدالة القوائم المالية وسلامة الحسابات من الأخطاء الجوهرية واتباع الأنظمة والتعليمات المالية.

هذه المراجعة التي يقوم بها الديوان ومراجعو الحسابات تسمى مراجعة مالية والتي يطلق عليها مسمى (الرقابة الخارجية) أيضاً، وتكون هذه الرقابة عن طريق مراجعة بنود الحسابات وأرصدتها ومراجعة إيرادات ومصروفات المؤسسة عن طريق أخذ عينات إحصائية من المستندات والفواتير المؤيدة لهذه الحسابات وإجراء الاختبارات اللازمة لها من خلال الدورة المستندية والقيدية من بدء التسجيل وحتى إعداد القوائم المالية والتي تكون من مسؤولية المؤسسة للتأكد من توافقها مع المعايير والمبادئ المحاسبية والأنظمة والقوانين، فضلاً عن تقييم أنظمة الرقابة الداخلية على هذه البنود.

هذا بالنسبة للمساءلة من الناحية المالية، أما بخصوص مساءلة الخطوط السعودية من الناحية التشغيلية التي تتعلق بالكيفية التي تقوم بها في إدارة أنشطتها الرئيسية في سبيل تحقيق أهدافها التي أنشئت من أجلها، فيتم عن طريق تقديم تقارير إدارية عن ذلك من خلال المؤسسة، ويتم مراجعتها والمصادقة عليها أيضاً من قبل ديوان المراقبة العامة من خلال (رقابة الأداء) التي تعد من الاختصاصات الرسمية للديوان ولا يتوقف الأمر فقط على المساءلة بل يتطلب تقديم توصيات تؤدي إلى إضفاء تحسينات للعمليات التشغيلية من خلال تقييم عناصر الاقتصادية والكفاءة والفاعلية.

فإذا كان الهدف الرئيسي من إنشاء المؤسسة العامة للخطوط الجوية السعودية هو القيام بكافة أعمال النقل الجوي والتجاري والمدني داخل المملكة وخارجها وذلك حسب ما جاء في نظامها، فإن رقابة الأداء تسأل هل قامت "السعودية" بهذا الدور بكفاءة وفعالية واقتصادية؟ وهذا التساؤل يعد المحور الرئيسي للرقابة والمساءلة، وعليه يتم تقسيم هذا التساؤل إلى أسئلة فرعية أخرى عن طريقها يتم تصميم برنامج المراجعة، الذي يتم عن طريق إجراء البحث والدراسات اللازمة من خلال عمليات المسح المعلوماتي وتحديد نطاق المراجعة وتحديد المعايير وأدلة الإثبات المطلوبة.

وهذه المعايير عادةً تتكون من المعايير والاتفاقيات الدولية الخاصة بالطيران المدني وكذلك الخطط وأدلة سياسات وإجراءات العمل، بالإضافة إلى تصريحات المسؤولين فضلاً عن الأنظمة والقوانين والتعليمات.

وعليه فإن الأسئلة الفرعية لرقابة الأداء بالنسبة لتصريح الخطوط السعودية آنف الذكر تكون كالتالي:

• هل تم شراء الطائرات المطلوبة حسب ما هو مخطط له؟

• هل تم شراء هذه الطائرات وفقاً للاحتياجات الفعلية وبما يتوافق مع أعداد المسافرين سنوياً بحيث تتوفر الرحلات بالشكل المطلوب؟

• هل هذه الطائرات الجديدة سوف تحد من تكاليف ومشاكل الصيانة وقطع الغيار وبالتالي تحد من مشكلة تأخر الرحلات؟

• هل تم تطبيق إجراءات الحجز وشراء التذاكر وإجراءات السفر الأخرى تقنياً بما يخفف حالات الزحام والإرباك وتقديم خدمات أفضل للمسافرين؟

الأسئلة السابقة مجرد أمثلة فقط وقد تمثل مجرد مدخل بسيط لمحور واحد فقط من محاور رقابة الأداء، كان الهدف من إيرادها هو توضيح مفهوم المساءلة من خلال الأداء.

إن التصريح السابق للخطوط السعودية يعد مادة جيدة للمساءلة يمكن التحقق منه من خلال تقارير رقابة الأداء التي تصدر عن ديوان المراقبة العامة ويتم مناقشتها في مجلس الشورى، حيث تعهدت الخطوط السعودية بشراء هذه الطائرات وتقديم خدمات أفضل للمسافرين، وهذا لا ينطبق فقط على "السعودية" بل على الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى حيث نسمع ونقرأ من وقت إلى آخر تصريحات من بعض المسؤولين تدور حول المشاريع الضخمة وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين مثل الحد من انقطاع الكهرباء والماء وغيرها لذا أجد من الضروري جداً إخضاع مثل هذه التصريحات للمساءلة العامة والذي يمكن تحقيقها عن طريق رقابة الأداء، حتى لا تتحول مثل هذه التصريحات إلى مجرد شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع.