الحقوق التي طالبت بها المرأة السعودية وما زالت تطالب بها حتى الآن، وسط انقسام المجتمع حولها إلى فرق تتناحر بسبب مطالباتها وقبل حصولها عليها، بين مؤيد ومعارض لمن يعتقد أن المرأة كائن بشري يفكر ويشعر، ومن يعتقد أنها تحتاج إلى من يقودها ويلي أمرها دائما وهو يأخذ بالبحث عن الأيدي الخفية (خارجية أو داخلية) التي تدفع المرأة إلى محاولة الحصول على حقوقها.. هذه الحقوق، والتي تعد سبب كل هذا الضجيج، كثير منها وفي دول مشابهة ومجاورة تعد من المسلّمات، التي يعتبر النقاش فيها ضربا من الهرطقة، مما سبب للمجتمع الكثير من الإحراج عربيا ودوليا، حيث بدأ العالم بالنظر إلى المرأة السعودية ككائن بشري حي، لكنه محفوظ في زجاجة تمنعه من التواصل مع العالم الخارجي أو مشاركة بني جنسه في كثير من الأمور المباحة، وتثار حوله الكثير من التساؤلات والظنون. هذه التساؤلات والنظرات الخارجية، التي صممنا عنها آذاننا وعقولنا زمنا حتى أصبحت تتفحص أكثر خصوصياتنا التصاقا بنا، هي ما دفع المجتمع متخبطا، مسرعا، مرتبكا إلى القبول والتسلية، ومنح المرأة بعض هذه الحقوق التي يراها هو ضرورية لرفع الحرج عن نفسه، وكان على المرأة المتعطشة لحقوقها أن تقبل بما يُعطى وتمد يدها بانتظار المزيد، فلم تصل بعد إلى مرحلة الانتقاء والاختيار، فزج بها في أماكن كبيرة، وفي محافل دولية ومهام صعبة، لم تُعدّ لها ولم تجربها من قبل، وفاتهم أن المرأة بهذه الصورة لن ترفع الحرج عن المجتمع، بل ستوقعه في حرج أكبر، فقد اكتشف العالم بأسره أن المرأة السعودية انطلقت مندفعة من النقطة الخطأ وفي المسار الخطأ، فالبداية ليست هناك، البداية من البيت، من التربية العادلة والمعاملة المساوية لها بأخيها الذكر كبنت صغيرة وشابة يافعة، من إنصافها كامرأة من استبداد زوج وعنجهية وحش، وحمايتها من كل عنف أو ظلم بشكل إنساني وعادل، بسنّ القوانين التي لا تقبل الالتفاف والمماطلة والتي تحميها من أي تعد، مهما كان نوعه. ثم تفعيل دورها كنصف معطل للمجتمع، حيث لا يتوقع من مجتمع مشلول نصفيا، أن يقفز أو يتقدم حضاريا، فتمنح كل حقوقها التي منعت منها دهورا تحت شعارات ومسميات ما أنزل الله بها من سلطان، وبعد أن تكتمل جاهزيتها المجتمعية ستبدع هذه المرأة، في كل الأماكن التي تختارها هي ولا تفرض عليها.