ألقت قضية قيادة المرأة للسيارة بظلالها على الفعالية الأخيرة للنشاط الثقافي على هامش معرض الرياض الدولي للكتاب الذي أسدل ستاره أمس. ورغم أن الرواية والتغيير، كان عنوانا للندوة إلا أن الكاتبين يوسف المحيميد وبدرية البشر اختارا أن يبدآ ورقتيهما بشكر اللجنة المنظمة بتهكم على إعادة المرأة إلى المنصة من جديد في الندوات الثقافية بعد أن غابت عنها ليوم كامل، لكنهما اتفقا على أنها عادت لتحتل المقعد الخلفي كما هي في السيارة، في إشارة إلى غيابها عن المنصة الرئيسية والاكتفاء بالنقل التلفزيوني.
بدأت البشر ورقتها بتوجيه عتاب خفي لإدارة المعرض، التي وصفتها بأنها كانت مترددة في تنظيم الندوة أو إلغائها، إلا أنها قررت أخيراً المضي فيها، ولكن بعزل الجنسين، بخلاف ما كان يحدث في الندوات الأولى التي كانت فيها المرأة حاضرة جنباً إلى جنب مع الرجل في المنصة الرئيسة بقاعة الندوات، قبل أن تعود لمحور الندوة التي ضمت أيضا الدكتور محمد القاضي وأدارتها فاطمة الياس، لتتناول التغيير في الرواية السعودية، مستشهدة بعدد من الأمثلة والأقوال لفلاسفة ومفكرين غربيين، والتي سيطرت على ورقة البشر بشكل لافت، إلا أنها عادت لتستشهد بأمثلة من روايات سعودية، من بينها روايتا "شقة الحرية" و"الجنية" لغازي القصيبي، ورواية "القارورة " ليوسف المحيميد، مشيرة إلى أن التغيير في الواقع السعودي يمكن قراءته من خلال الرواية السعودية. فيما اختار المحيميد الحديث عن تجربته الشخصية، لافتا إلى أنه لا يملك الإمكانات الأكاديمية، التي يمتلكها الضيفان الآخران، ولذلك سيلجأ لعرض التجربة الشخصية، بعيداً عن الإطار النظري، داعيا إلى ألا تتحول الرواية لخطاب اجتماعي بدعوى التغيير، مشيراً إلى أنها يجب أن تبقى في إطارها الفني، وقال إن أهم الروايات العالمية أحدثت تغييراً في الأفراد من القراء، نظراً لارتباطها بالبعد الاجتماعي، دون الإخلال بالفن.
من جانبه اعتبر محمد القاضي الرواية بأنها مرآة تعبر مسارات المجتمع لتقدم عنه لوحة عبر مرآة محدبة أو مقعرة أو مسطحة، مبيناً أن أهمية الرواية ترتبط بما تقدمه من معلومات، وهو ما ينعكس على دور الروائي في استخدام مخيلته لتعويض النقص في المجتمع، كما يراه من وجهة نظره. واستعرض القاضي نماذج من الروايات العربية، مشيراً إلى أنها خرجت من إطار التغيير إلى ما وصفه بكشف المستور، معتبراً أن ذلك أثار سخرية القارئ، من أسلوب السرد في تلك الروايات.
إلى ذلك كانت الترجمة محور الندوة الأولى في آخر أيام المعرض "النص بين لغتين"، حيث طرح كل من الدكتور نبيل رضوان والدكتور حسن البنا عز الدين إشكاليات الترجمة المتعددة وأهمية وجود معايير جمالية للتصدي لهذه المهمة الاستثنائية، مؤكدين ضرورة الأمانة في الترجمة ومراعاة الاختلاف في الألفاظ والمعاني. كما تناولا ترجمة النصوص بين العربية واللغات الأخرى، مشيرين إلى أن أصعب النصوص ترجمة هو الشعر، حيث يتوجب ترجمته بالشعر فقط، كما استعرضا بداية الترجمة ودور الهجرة فيها، مشددين على ثبات اللغة العربية أمام نظيراتها الأخرى.