عارض عدد من المثقفين فكرة توقيع الكتاب في معارض الكتب أو إقامة قاعات وحفلات خاصة من أجل أن يوقع ويروج لكتاب ما، واعتبروه إهانة للكتاب، كما قدموا فكرة التوقيع وشروطه التي يجب أن تسير عليها وزارة الثقافة والإعلام.

حيث بين الإعلامي والكاتب الدكتور فهد السنيدي أن أصل فكرة توقيع الكتاب كان للمشاهير في الغرب وقد بدا تاريخها منذ خمسين عاما وكانوا السياسيون هم من ابتكروها حيث يقومون بالتوقيع على الكتاب خاصة النسخ الأولى منه، في وقت معين وزمن محدد، من أجل الترويج للكتاب، ثم انتقلت بعد ذلك إلينا.

وأضاف السنيدي أن فكرة التوقيع لا يمكن الحكم عليها إلا وفق أسس معينة ومنها نوعية الكتاب وهدف التوقيع وشخصية الموقع فالحكم العام دون النظر إلى هذه المقومات الثلاثة يعتبر إجحافا.

وأشار إلى أن انتقال هذه الظاهرة إلينا أتاحها لتكون على كل كتاب "حتى الكتب التي هي قص ولصق". وقال: الأدهى من ذلك أنني شاهدت شخصا يوقع على كتاب علمي أكاديمي مقرر على الطلاب ولن يقرؤه أحد سواهم، لذلك فإن ظاهرة التوقيع خرجت عن الأصل الذي ظهرت من أجله.

من جهته يرى الأديب إبراهيم مضواح الألمعي أن حفلات التوقيع تقليد أوروبي عريق، وقد تسربت إلى الأوساط الثقافية العربية، وقال: كان العقاد يوقع لقرائه الذين يُصطفون ليظفروا بتوقيع الكاتب الكبير أمام الناشر الخاص به (مكتبة الأنجلو)، كما أصبح يُمارس بشكل رسمي في دور النشر في الستينات والسبعينات خاصة في بيروت، وهكذا بدأت دائرة هذا الاحتفال تتوسع وتنتشر".

وأضاف الألمعي أن النظر إلى حفلات التوقيع يتفاوت بحسب الناظر، فدور النشر تقيمها للتسويق والدعاية والربح، وهذا أمر مشروع، وخاصةً عندما يكون المؤلف مشهورا، فإن توقيعه يعني للقارئ شيئا، أما المؤلف فإنه ينظر للأمر في الغالب من جهة أخرى، حيث يجد فرصة للتواصل مع قرائه، ويتحقق من خلاله التعريف بالكتاب والكاتب معا.

واشترط مضواح في توقيع الكتب أن يكون وفق ضوابط ومعايير محددة، ترفع الحرج عن القارئ والمؤلف معا، لكي لا يظهر المؤلف في صورة المسوق لكتابه، وهي الصورة التي لا تليق به.

وأضاف أن التوقيع لم يعد مقتصرا على الصالونات الأدبية وحدها، ولكنه صار حاجة تربوية لبث الروح الحميمة بين الكاتب والقارئ، وترويجا لقيمة وطقوس القراءة.

أما الروائي عبدالحفيظ الشمري فكان معارضا بشدة لهذه الظاهرة، وقال: إنني ضد فكرة حفلات التوقيع في معارض الكتب أو غيرها. كما يرى أنها تفتح الباب لكل من أراد أن يسوق كتابا ربما لا يصل إلى أي قيمة أو إلى ذائقة القارئ ونبضه. وأضاف الشمري أن الصحيح هو أن يعطى القارئ فرصة لقراءة الكتاب، مضيفا أنه لا يرضى أن يعامل الكتاب بهذه "المعاملة الرخيصة خلال الحفلات المجانية والتوقيعات التي لا ترقى بقيمة الكتاب".

وعن شروط وزارة الثقافة والإعلام لتوقيع الكتاب قال الشمري "على الوزارة أن تقيد جميع المظاهر التي تغير فكرة معرض الكتاب، لأن هذه التوقيعات ليس مكانها معارض الكتب"، مشيرا إلى معارض الكتاب في بيروت والقاهرة ودمشق والمغرب حيث لا نجد لهذه الحفلات أي حضور خلالها ـ بحسب رأيه ـ.