فاقت مبالغ تعويضات الطرق وسكة الحديد بمنطقة الجوف الأعوام الأخيرة حسب مصدر لـ"الوطن" 3 مليارات ريال منحت لأصحاب الأراضي التي شقتها الطرق والسكة من أهالي المنطقة، إلا أن هذا الرقم الضخم لم يعمل على تغيير الوجه الاقتصادي للجوف بالشكل الذي يتوافق مع ضخامته، بل تسبب بتضخم العقار بالمنطقة بارتفاع 40% للأراضي البيضاء بالجوف حيث توجه غالبية أصحاب هذه التعويضات للبيع والشراء بالعقار.
"الوطن" بحثت أسباب عزوف أصحاب الأمول عن المشاريع الاقتصادية رغم أن الجوف أرض خصبة للاستثمار وهدف للكثير من الشركات داخل وخارج المملكة خاصة الزراعية، وأكد اقتصاديون أن اتجاه البوصلة توجه للاستثمار المريح _على حد وصفهم_ وهو العقاري.
ويقول المستشار الاقتصادي المهندس محمد الشراري أن ثقافة الاستثمار غائبة بالجوف ولا يوجد فكر اقتصادي واستثماري بالمنطقة، مناشدا الغرفة التجارية بالمنطقة بعقد منتدى اقتصادي تحصر فيه الفرص المناسبة وتطرح لأصحاب الأموال وتساعدهم في الاستثمارات، موضحا أن المبالغ شكلت حراكا اقتصاديا بالجوف، وهناك حركة بيع وشراء، لكنها لا تتناسب مع حجم المبالغ الكبيرة الموجودة بالمنطقة، إذ يرى أن التوجه للحركة العقارية يتزايد بسبب سهولة الاستثمار فيها، بينما تغيب ثقافة إنشاء الشركات الجماعية بالمنطقة، وهي المحرك الأقوى للاقتصاد.
وكشف صاحب أحد المكاتب العقارية بالجوف هيثم العوذة أن العقار، وبخاصة الأراضي البيضاء بالجوف، بلغ ارتفاع سعرها أكثر من 40% ولايزال يوجد طلب كبير للأراضي من المستثمرين، وتوجه الكثير منهم للحركة العقارية لافتا لكثرة الشركات والمكاتب العقارية التي نشأت بالمنطقة أخيرا خلاف السنوات السابقة حين كانت تعد على الأصابع.
رجل الأعمال والمستثمر بالقطاع الفندقي أبو مالك من منطقة الرياض حضر لمنطقة الجوف وتوجه للفندق الوحيد بفئة خمسة نجوم فيها للسكن، ولم يجد غرفة واضطر لقضاء إقامته بشقق مفروشة، مما دعاه لإجراء دراسة على المنطقة، وقرر بناءً عليها إنشاء فندق من فئة 5 نجوم بالمنطقة وصالات معارض تجارية، مؤكدا أنه أعد دراسة محكمة على المنطقة، معتبرا أن مثل هذه المشاريع ناجحة في ظل غياب الفنادق بالجوف، وفي ظل توجه إنشاء المدينة الطبية للشمال فيها ويعمل بالوقت الحالي على استثمار أرض لإقامة الفندق فيها.
أمين الغرفة التجارية ورئيس لجنة الاستثمار بمجلس منطقة الجوف مزيد المزيد أكد لـ"الوطن" أنه لا يوجد أي عوائق تمنع المستثمرين من الدخول للسوق، وقال إنهم اتجهوا للاستثمار المريح، وهو العقار موضحا أن هذا التوجه مأخوذ بالعرف لدى العامة، ولكن لابد أن يأتي الفكر الاستثماري أولاً والجرأة ثانياً، قائلاً إنه بلغة الاقتصاد إذا توفر المال انتهت العقبات، متسائلا: هل تقدم مستثمر لجهة ما بالجوف يشتكي من وجود عوائق؟ وهل تقدم أحد يريد أن يستثمر مستشفى للنساء والولادة على سبيل المثال وتم منعه؟ موضحا: "لا يوجد شيء من ذلك" مشدداً على أن الجرأة هي العامل الأول، مستشهدا بدخول سوق الأسهم الأعوام الماضية من قبل آلاف المواطنين عندما توفرت الجرأة والمال وغابت كل العوامل الأخرى.
وعن المنتدى الاقتصادي بالجوف، قال المزيد إنه تم التقدم بالفكرة لأمير منطقة الجوف وتمت الموافقة عليها وقد أعدت دراسة كاملة للمنتدى، ويجري العمل بالوقت الحالي على عقد المنتدى، ولكننا لا نستطيع تحديد وقت إقامته حتى الآن.
ولفت أنه تم الاتصال بالقائمين على منتدى الرياض الاقتصادي ومنتدى جدة الاقتصادي وأخذ تجاربهم بذلك للاستفاده منها، مؤكداً أنه سيكون على مستوى عالمي وتدعى له شخصيات عالمية وتعقد فيه ورش عمل على مستوى كبير من داخل وخارج المنطقة، قائلا: "إن ما حفزنا على ذلك هو أن الجوف أرض خصبة للاستثمار في شتى المجالات وعلى رأسها الاستثمار الزراعي، فالجوف تمتلك ما يفوق 14 مليون شجرة زيتون كفيلة باحتضان عشرات المصانع بهذا المجال، وكذلك الفواكه والأعلاف والخضار"، مستشهداً بوجود 6 شركات كبرى بالمنطقة تتنوع استثماراتها الزراعية.
وفي مجال الاستثمار بالسياحة والفندقة، قال: "لم يفشل أي مشروع سياحي بالجوف في الأعوام الأخيرة، وكذلك المطاعم والمراكز التجارية، وبخاصة مع النمو السكاني الذي تشهده المنطقة بعد إنشاء الجامعة".