تسللت أربعة ظلال تحت نور القمر في الريف السوري تبين أنها لأربعة ناشطين ينقلون في البراري حمالة يرقد عليها جريح أصيب برصاصة أثناء تظاهرة في حماة وهم يحاولون نقله إلى تركيا. وقال أحد الرجال معرفا عن نفسه باسم سعد الله "لا نملك سيارة إسعاف وحتى لو كنا نملكها، لما كنا استطعنا استخدامها لاجتياز الحدود لأن قوات الأسد ستوقفنا على الفور". وسعد الله هو أحد قادة شبكة الناشطين التي تتولى نقل الجرحى ذوي الأصابات الأكثر خطورة سرا من سورية إلى منطقة أنطاكيا التركية.

المجموعة تسير بصمت، قبل أن يقول سعد الله "إننا نتحرك دائما ليلا لنتجنب أن يرصدنا الجيش. نتقدم ببطء شديد ولا يمكننا أن ننقل أكثر من عدة مصابين في آن. وقد يمر يومان قبل أن نعبر الحدود وافدين من حماة وحمص. كل شيء رهن بالمراقبة والحواجز التي قد تعترضنا". ومنذ مطلع الانتفاضة الشعبية ضد النظام قبل عام تم إجلاء حوالى 200 مصاب بهذه الطريقة البدائية. وقال سعد الله آسفا "توفي حوالى عشرة أشخاص قبل أن نتمكن من إخراجهم من البلاد، فالرحلة طويلة وشاقة ولا يسعهم تحملها". وأضاف "أن المستشفيات السورية ليست آمنة للجرحى. فالأطباء والممرضون يعذبونهم ويغرزون الإبر في أجسادهم أو يحرقونهم بالسجائر كي يتكلموا". وتابع "نقلنا جرحى تعرضوا لتشوهات خطيرة بسبب الأسلحة التي تستخدمها قوى النظام وآخرين تعرضوا للتعذيب الوحشي. بعضهم اقتلعت أعينهم".

في مستشفى ميداني في بلدة كنصفرة خضع رجل عرف عن نفسه باسم حسن لعملية قبل ساعات بعد إصابته برصاصة في البطن. وروى الرجل عن التعذيب الذي ينفيه النظام. وقال مغطيا وجهه "أخرجني أصدقائي من مستشفى حماة حيث نقلت. كان مليئا بعناصر المخابرات الذين أوقفونا وعذبونا بمساعدة ممرضين. لذلك فررت، لأنفد بجلدي". وأوضح أن لديه أقارب في حماة ويخشى من أن يدفعوا الثمن إن ظهر في وسائل الإعلام. وينطلق أغلب الجرحى المتجهين إلى تركيا من هذه العيادة السرية في كنصفرة في وسط منطقة جبل الزاوية الثائرة. ويشمل المكان غرفة عمليات وغرفة عناية 6 غرف وحوالى 6 ممرضات وطبيبين. وقال طبيب أخفى وجهه "توفي هنا أكثر من 20 مريضا. يردنا الكثير من الجرحى ولا نملك وسائل معالجة الجميع. وما تبقى من المخدر لا يكفي لأكثر من عمليتين جراحيتين أو ثلاث".