معلومات دقيقة وموثقة أعلنتها هيئة الاتصالات السعودية عن إيرادات شركات الاتصالات في المملكة والتي وصلت إلى 65 مليار ريال في العام الماضي، بمتوسط نمو في الإيراد مقداره 12,8% سنوياً، وإجمالي النسبة الكبرى من الإيرادات من الهاتف المتنقل (الجوال) بنسبة 80% وعشرين في المئة فقط من الهاتف الثابت.
كما أعلنت هيئة الاتصالات أن إجمالي دخل شركات الاتصالات من عملياتها الاستثمارية خارج المملكة وصل إلى ما يقارب 18,2 مليار ريال في نهاية عام 2011 ليكون إجمالي الإيراد مقداره 83 مليار ريال.
وأوضحت هيئة الاتصالات أن نسبة مساهمة شركات الاتصالات في الناتج المحلي الإجمالي 3%. وإذا أستبعدنا أثر قطاع البترول والتعدين في تركيبة الناتج المحلي فإن نسبة مساهمة شركات الاتصالات في الناتج المحلي سترتفع إلى 6% كما أوضحت الهيئة، وإن عدد المشتركين في خدمات الاتصالات وصل إلى 53.7 مليون اشتراك بنهاية عام 2011، وإن الاشتراكات المسبقة الدفع تمثل نسبة 88% تقريباً، وإن نسبة إنفاق الشركات على تقنية المعلومات حوالي 30% من إجمالي الإنفاق.
أما نسبة استخدام الإنترنت في السعودية فارتفعت ارتفاعاً سريعاً حتى وصل عدد المشتركين إلى 13.8 مليون مستخدم.
نجاح باهر لشركات الاتصالات السعودية على حساب المشتركين بجميع أنواعهم، وعلى وجه الخصوص فئة الشباب.
وللحقيقة لابد لنا أن نعترف بأن تطور الاتصالات في المملكة ينافس تطور الاتصالات في الولايات المتحدة وأوروبا، وذلك من حيث نوعية الخدمات وتعددها، وهي خدمات اقتصادية تنافس شركات العالم في مستوى أسعارها من حيث القيمة المرتفعة.
ورغم الجهود المتميزة لشركات الاتصالات لتقديم خدمات متطورة للعملاء، إلا أنني مازلت عند رأيي السابق تجاه شركة الاتصالات السعودية وبقية شركات الاتصالات السعودية. وتبدأ مطالبي بمطالبة الحكومة بالوفاء بالوعد تجاه البيع التدريجي في حصص الدولة في شركة الاتصالات، وكما هي مطالبي تجاه بيع حصص الدولة في شركة سابك والشركات الحكومية الأخرى.
أما انتقادي لشركات الاتصالات فهو في ضعف البعد الاجتماعي وضعف برامج المسؤولية الاجتماعية للمجتمع السعودي، والذي هو أساس معظم إيرادات شركات الاتصالات، ولا سيما أن شركات الاتصالات تعمل في سوق لا يوجد به نظام ضرائب، وتعمل شركة الاتصالات بنظام الشركات السعودية الذي لا يفرض على الشركات تجنيب نسبة من أرباحها لصالح موظفيها أسوة ببقية الشركات في بعض الدول الصناعية أو بعض الدول العربية مثل مصر.
إن برامج المسؤولية الاجتماعية في شركات الاتصالات ليس لها بعد اجتماعي بعيد المدى، فالآثار السلبية من إشعاع أبراج الاتصالات المنتشرة في الأحياء والطرقات والشوارع والتجمعات والقرى والجامعات والمدارس أثبتت الدراسات العلمية عملياً أن لها تأثيرا على المستخدمين والمجاورين لهذه الأبراج وعلى مسافة كيلومترين من كل جانب. ومن أهم هذه الآثار السلبية الإصابة بمرض السرطان نتيجة الإشعاعات. وقد سبق أن كتبت مقالات متخصصة في هذا الموضوع. كما أن كثرة استخدام الهاتف النقال تؤثر سلباً على القدرة على السمع وتؤثر سلباً على المخ ولها ارتباط كبير بتلف أنسجة المخ. ورغم رفض شركات الاتصالات لهذه التقارير الصادرة من أبحاث دولية إلا أنني أكرر على أهمية تخصيص نسبة من الأرباح المحققة لشركات الاتصالات لدعم أبحاث السرطان وعلاج السرطان ودعم برامج البحث العلمي في مختلف المجالات.
وكم كنت أتمنى أن تتبنى شركات الاتصالات إنشاء كلية أو كليات هندسة متخصصة في هندسة الاتصالات وتقنية المعلومات أو دعم إنشاء أقسام متخصصة في كليات الهندسة بالجامعات السعودية.
إن شركات الاتصالات مازالت تتعامل مع المشتركين بلغة فرض الخدمة وليس للعميل الحق في المراجعة والاعتراض. وللأسف في غياب مكاتب المحاسبة والمحاماة المتخصصة لحماية المواطنين من إجحاف شركات الاتصالات أو الشركات الحكومية الخدمية الأخرى يظل الأمر وكأننا نتعامل مع وزارات ومؤسسات حكومية بقبعة القطاع الخاص، لا حق لنا في الاعتراض على قراراتها وخدماتها.. وهو مفهوم خاطئ ينبغي العمل على تغييره.
فهل تستطيع هيئة الاتصالات السعودية أن تغير هذا المفهوم حتى وإن كانت شركة الاتصالات السعودية شركة مملوكة للدولة؟