حصد السعوديون المرتبة الثالثة عالمياً في الخمول البدني بحصولهم على نسبة تقارب 68.3% وفق دراسة أعدتها مجلة "لانسيت" الطبية، معتمدةً الدراسة في نتائجها على بيانات منظمة الصحة العالمية مؤخراً.

وأرقامنا القياسية كذلك تقول إن عاداتنا الغذائية وعدم ممارسة الرياضة كذلك جعلت أكثر من 35% من السعوديين مصابين بالسكر، ويقول الاتحاد الدولي للسكري إن خمساً من الدول العشر التي توجد بها أعلى معدلات لانتشار المرض هي من دول مجلس التعاون الخليجي الست، وتحتل السعودية المركز السابع عالمياً، وأزيد كذلك إحصائية صحية سعودية تقول إن هناك نحو أكثر من ثلاثة ملايين شخص في السعودية يعانون من السمنة والوزن الزائد، ودراسة أخرى توضح أن 60% من أطفال السعودية أكثرهم نسبة و(ظُلماً)، ونسبة أخرى تقول إن ما نسبته 40% من المجتمع من جميع الشرائح المجتمعية مهددون بالإصابة بالسمنة، ونصفهم من السيدات السعوديات!

عاداتنا وممارساتنا الاجتماعية الخاطئة هي من كرست ثقافة الاعتماد المفرط على عدم الحركة في تسيير جزئيات حياتنا، فالسعودي دائماً تجده منافحاً ومتنرفزاً صحةً ووقتاً من أجل البحث عن أقرب موقف لسيارته في أي موقع يريده، ونجد أن أكثر من 90 % منا في المقابل اليومي لخمسة أيام في الأسبوع غارق في الجلوس على كراسي وثيرة في عمله، وثقافة حديثة منافسة في إدمان (النت) والتسمر أمام أجهزة الكمبيوتر التي مازالت تقتل خمسة ملايين شخص سنوياً على مستوى العالم!

وإضافة إلى حقيقة المشكلة عند استعراضها نجدها كذلك في جانب يماهي الخمول البدني في أنماط غذائية تأسرنا بتركيبتها الغريبة تمازجاً مع عـدم وعي الأسرة والمدرسة والمجتمـع و(الصحة) في كيفية تعاملها مع هذه المشكلة المزمنة الحديثة، وللمشكلة برمتها؛ فلنسأل أنفسنا من يستطيع أن يستغني عن (الأرز) مثلاً في أكله وسُفرته الخالية من عدم الدسم! وكم من ألعاب رياضية محدودة مدعومة لأندية محسوبة على خارطة وطن والبقية متفرجون كالعادة وفي أيديهم مشروبٌ غازي؟!، كم من وجبات مدرسية يدعون أنها صحية وهي خط انطلاق لأولمبياد السمنة المبكرة، حصص رياضية مازالت في المدارس بطريقة ركلة (البوز) من معلم ذي كرش، والحقوها يا أبطال حتى تسمعوا صوت الجرس! انظروا إلى كمية إعلانات المطاعم وقد تغطت دهوناً، يحاكيها جيل التقنية الحديثة في الجلوس تسمراً دون وقوف أو توقف مع ثقافة إدمان لوجبات الـ(junk food)، وعادات غذائية خاطئة ومناسبات بماركة سعودية نبدؤها بـ(مزايين) وجبات المفاطيح التي أثبت الاقتصاد والاجتماع والعلم الحديث أننا لن نستطيع كسعوديين أن نستغني عنها؛ فتذكروا معي عندما ثار (الأرز) في ربيعه قبل عامين ماذا حل بعقولنا وبطوننا؟

جميعنا يعرف أن الخمول البدني وتبعاته من السمنة لم تعد مجرد حالة تهدد من يصاب بها وتحرمه شكلاً، بل توصلت إلى فتح أبواب من الأمراض المزمنة، فانظروا إلى معدل الإصابات وفروعها، وتذكروا النسب المخيفة بعاليه!.

الوعي اليوم ليس منشورات توزع ومطويات تعمل لتغطي نشاطاً رياضياً أو صحياً، فآباء الجيل الجديد يشترون لأبنائهم أغلى الملابس وأفضل الألعاب، ويهملون تماماً إشراك أبنائهم في أندية صحية أو حتى يسمحون لهم أو يشاركونهم في ممارسة الرياضة بأنواعها، ويهملون كذلك شراء غذاء صحي يليق بأجسادهم التي تعتريها الشحوم، وهنا فالجميع مسؤول ويحتاج للتوعية والأساليب التربوية الناجحة بتعويد أبنائه ومنذ البداية على ضرورة توزيع أوقات الترفيه التي تشمل الألعاب الحركية مع الحرص على عدم تناول المأكولات الدهنية أو السريعة عند الجلوس في المنازل، ويبقى الدور كما نتمنى يوماً ونرجو (أعواماً) أن تقوم الرئاسة العامة للشباب ووزارة الشؤون الاجتماعية والتربية والتعليم والصحة والإعلام والتجارة بتبني مشاريع استراتيجية دائمة وإنشاء مشاريع رياضية وصحية وبرامج ترويحية وتوعية اجتماعية صحية في المنازل والمدارس والأحياء والأندية والجامعات.. لتحمي مجتمعنا وتحفظ له سلامته حتى لا يصبح مترهلاً جسداً، بل وكيلا تتجاوز أرقامه القياسية في الترهل عقلاً!