تشوه مخلفات البناء وبقايا الطوب وقطع الأخشاب والسيخ والبوية الوجه الحضاري للعديد من أحياء الرياض، وباتت تشكل هاجساً يؤرق الأهالي بما تنتجه من روائح كريهة بعد أن تحوّلت هذه المخلفات بمرور الوقت إلى مكب للنفايات تتكاثر فيها القطط والحشرات الناقلة للأمراض بما يهدد الصحة العامة في ظل غياب النظافة والجهات الرقابية. "الوطن" نفذت جولة ميدانية في عدد من الأحياء، وتحدث إليها العديد من المواطنين الذين عبروا عن القلق الذي يساورهم من مخلفات البناء وركامها وغياب الجهات المختصة وعدم القيام بدورها في التصدي لمرتكبي هذه المخالفات ومعالجة الظاهرة قبل تفاقمها.
ويقول أبو مشاري أحد سكان شمال الرياض إنهم يعانون منذ عدة شهور من ظاهرة تراكم مخلفات الأبنية أمام منازلهم بسبب أن بعض أصحاب المباني تحت التشييد لا يكترثون إلى نقل مخلفات أبنيتهم عقب الانتهاء من الأعمال، بل يقومون بإلقائها على قارعة الطريق والأراضي الخالية داخل الحي، مشيراً إلى أن الحي يكتظ بالبقايا مثل البويات والأخشاب ومواد أخرى الملقاة بالمساحات المجاورة لمساكنهم، وتساءل "لماذا لا تتحرك الجهات المعنية لردع المتسببين الذين لا يراعون مشاعر الجيران أو حقوقهم .. ولا يكترثون إلى الآثار الصحية المترتبة على هذه الأسر".
قلق وضيق
المواطن خالد السعوي ويسكن في أحد أحياء شمال الرياض الذي يشهد نهضة عمرانية هائلة يقول إنه يتعجب من سلوك البعض بإلقاء مخلفات الأبنية داخل هذه الأحياء التي تعج بالسكان دون الالتفات إليهم، مشيراً إلى أنه يشعر بالضيق ومعه العديد من سكان الحي من استمرار هذه الظاهرة وتفاقمها دون حسيب أو رقيب، وأنهم سبق أن نبهوا المتسببين أكثر من مرة بنقل هذه البقايا إلى خارج الحي في الأماكن المخصصة لها، ولكن دون جدوى. ودعا السعوي الجهات المختصة إلى ضرورة الإسراع في معالجة هذه المشكلة التي تشوه المدينة، ومحاسبة المتسببين بها ووضع حد لهم بالغرامات المالية والعقوبات المنصوصة نظاماً.
اعتراف الأمانة
مدير عام النظافة بأمانة منطقة الرياض، المهندس أحمد البسام، اعترف بانتشار هذه الظاهرة ووصفها بالسيئة للغاية واتهم بعض ضعاف النفوس من أصحاب القلابيات الذين يحاولون اختصار الوقت والمسافة وزيادة الكسب المادي برمي هذه المخلفات في أي مكان يشاءون بدلاً من نقلها إلى المدافن أو الأماكن المخصصة للنفايات، مشيراً إلى أن أمين أمانة الرياض وجه بتشكيل فريق خاص أو وحدة خاصة لمراقبة هذه التصرفات، وهو يعمل منذ سنتين تقريباً.وأضاف أن الأمانة تعاقب أي شخص يرتكب مثل هذه الأعمال بحجز القلابي الخاص به وتغريمه 3000 ريال كحد أعلى، بالإضافة إلى تكليفه برفع 50 ردا من الموقع الذي ألقى فيه هذه النفايات، وأنه في حال كرر هذا الشخص العمل نفسه، تقوم الأمانة برفع أوراقه للإمارة لاتخاذ الإجراء المناسب في حقه.
غرامات للمخالفين
وكشف المهندس البسام في تصريح لـ"الوطن" أن الأمانة أجرت إحصائية لما قامت به لمعالجة هذه الظاهرة، إذ وصلت الغرامات العام الماضي "1432" إلى 6 ملايين ريال، مع المراقبة الميدانية لمنع تكرار مثل هذه الأعمال، وتابع "هذه الظاهرة ليست فقط منتشرة في شرق الرياض وإنما أيضا في أحياء شمال الرياض كالياسمين والنرجس وغيرهما. وأوضح البسام أن عملية إلقاء مخلفات الأبنية يرتكبها أصحاب القلابيات وهم أفراد وليسوا مؤسسات ويقومون بتأجيرها إلى الأجانب مقابل مبلغ شهري معين، ومعروف أن الأجنبي ليس ابن البلد ولا يهمه أمره، لذا يقوم برمي مثل هذه النفايات في أي مكان يشاء دون الالتفات إلى الأماكن المخصصة لها حتى يتمكن من إجراء عدة عمليات ذهاباً وإياباً في اليوم الواحد، في حين أن الأمانة بدورها تحاول تغطية المدينة خلال أربع وعشرين ساعة وتعمل على حسب إمكاناتها المتاحة، داعياً الجميع إلى التقيد بنظافة ومظهر المدينة الحضاري ونقل المخلفات إلى أماكنها المخصصة. واختتم "المواطن المتضرر صاحب الأرض ليس له ذنب ليدفع ما بين 10 آلاف إلى 15 ألف ريال لإزالة هذه المخلفات".