أكد وزير الدفاع العراقي الدكتور سعدون الدليمي أن بغداد لن تقف في وجه أي ملفات تقترحها جامعة الدولة العربية لطرحها في القمة التي ستحتضنها بلاده خلال الأسابيع المقبلة، لافتاً إلى أنهم لن يعترضوا على طرح أي موضوع يحظى بإجماع عربي حتى لو كان يمس الإيرانيين أنفسهم.
وأوضح الدليمي في حوار أجرته معه "الوطن"، أن الوجود التركي في العراق يفوق الوجود الإيراني، لافتاً إلى وجود مبالغة في ما يشاع عن أن الجيش العراقي مخترق وكذلك المخابرات وأن عناصرهما لا يتحدثون العربية.
وحول دعوة سورية لاجتماع القمة العربية المقبلة في بغداد، أكد الدليمي أن العراق لن يكون خارج الإجماع العربي، وما يتم تقريره من الجامعة العربية سيتم الأخذ به.
ورأى وزير الدفاع العراقي أن من الأجدى أن تشكل منظومة عربية إقليمية لا تعزل أحداً في المنطقة، وذلك في تعليقه على مخاوف الخليجيين من التحركات الإيرانية. وقال "إيران لا تستطيع الرحيل من المنطقة ولا العرب يستطيعون الرحيل من المنطقة، وبالتالي علينا أن نجد وسائل للحوار ووسائل لتعزيز عوامل التعاون بدلاً من عوامل الصراع التي تثار من فترة إلى أخرى".
كيف ترون قمة بغداد؟
القمة العربية طال انتظارها وأجلت أكثر من مرة، وأعتقد أن الأوان آن لكي تعقد. كل ما يقال عن العراق بأنه يرجح كفة إيران على ما هو عربي هو كلام غير دقيق، بل هو عملية تشويش ومحاولة لوصم العراق بما ليس فيه. فكما للعرب عتب علينا، لنا عتب عليهم. لا تتركوا العراقيين وحدهم، فنحن بحاجة للعرب فلا تتركونا نشعر بالغربة والوحشة، ونحن نحتاج أن تقفوا معنا، وتقوون عزائمنا، وألا تعطون الفرصة لمن يشعر بضعف في داخله بأن يقول: تركنا العرب، وعلينا أن نبحث عن جهة أخرى.
محاولة العزل
هل هناك محاولات لعزل العراق عن الدول العربية؟
نعم هناك من يحاول عزل العراق وهذا ليس في صالح العرب. الأمة العربية في الحقيقة، مرّت بمحن كثيرة، لكنها لم تهزم. ولكن الأدوات التي استخدمت لبناء بعض مكونات الأمة كانت أدوات غير سليمة وهي التي هزمت، وآن الأوان ليتفق أبناء الأمة وقادتها على استخدام الأدوات السليمة من أجل بناء مستقبلها.
هل وافقت بغداد على عدم استضافة سورية في قمة بغداد؟
هناك تساؤلات عدة حول القمة العربية، هل تحضر فيها سورية أم لا؟ هل تناقش قضية إيران أم لا؟ القمة العربية لا يحدد جدولها العراق إنما الجامعة العربية، والعراق لن يعترض على ما تراه الجامعة العربية، ولن يعترض على الإجماع العربي، بل العراق سعيد حكومة وشعباً وبكل مكوناته، بحضور العرب في بغداد حقيقة.
وكل ما تراه الجامعة العربية وكل ما يراه العرب بصدد أي قضية، نحن معه ولن نختلف على ذلك، وأرجو ألا يشوش أي كان على ما يجري في العراق فهو دوحة العروبة، ولن يهز هذه الصورة أي طارئ إن شاء الله.
لا اختراق إيرانيا للجيش
هناك قلق لدى دول مجلس التعاون من الوضع العراقي، خصوصاً في ظل ما يقال عن أن العراق اختطف من المخابرات الإيرانية التي نجحت في اختراق الجيش والأجهزة الأمنية العراقية؟
أحد الإخوة في الخليج قال لي هل حقيقة أن غالبية الجيش العراقي لا تتحدث العربية؟ لا، فالحقيقة أن هذا الحديث فيه مبالغات كثيرة.
هل فيه بعض الحقيقة؟
أستطيع أن أقول إن الوجود التركي في العراق أكثر من الوجود الإيراني. الإيرانيون دخلنا معهم في حرب ثمانية أعوام، ولا زالت توجهات هذه الحرب كبيرة لدى الشعب العراقي الذي دافع من خلالها عن أهله وناسه وأرضه، لكن أن تقول إن المخابرات والجيش العراقي مخترقان من إيران فأعتقد أن في هذا مبالغة كبيرة. جيشنا الآن جيش محدود مقارنة بالجيش في عهد النظام السابق المليوني، ولا نريد الاستعانة بأطراف أخرى.
ومع ارتفاع البطالة فلو أردنا بناء جيش لأوجدنا للعراقيين وظائف من خلاله، لكننا نريد أن نضع في الاعتبار شيئاً هاماً أنه من المعيب على العراقي أن يرجّح مصلحة الأجنبي على حساب مصلحة أهله ومواطنيه. وهذا أمر لا ينطبق على العراق فقط بل ينطبق على كل دول العالم التي تحاول أن تجد مصالحها في العراق سواء كانت إيران أو تركيا أو أميركا أو أي أطراف أخرى، لذا لا أعتقد أن هناك عراقياً يرجح مصلحة إيران على مصلحة العراق.
ولو راقبنا المشاريع في العراق فهل نجد أن هناك شركات إيرانية تفوز بعقود بناء المشاريع العراقية؟ الجواب لا، فهي تنفذ من خلال الأتراك الذين بيننا وبينهم 17 مليار دولار ميزانية سنوية فقط لبناء المشاريع. وعند الحديث عن تسليح الجيش العراقي فإن تركيا وإيران جارتان لنا، فهل سلحنا جيشنا عن طريق إيران، فالتسليح والتدريب التركي يفوق الإيراني عشرات المرات.
القلق مبرر
أما بالنسبة إلى إيران، فبالتأكيد لدى دول الخليج قلق من مناوراتها وتحركاتها وغير ذلك، لكننا نتمنى أن نوجد منظومة عربية إقليمية لا تعزل أحداً في المنطقة. إيران لا تستطيع الرحيل من المنطقة ولا العرب يستطيعون الرحيل من المنطقة كواقع حال، لذا علينا أن نجد وسائل للحوار ووسائل لتعزيز عوامل التعاون بدلا من عوامل الصراع.
أما العراق فهو جسد عربي لا ينمو إلا في البيئة العربية ولا يستطيع أحد أن يختطف العراق من أحضان أهله وناسه العرب، فكونوا مطمئنين أن العراق سيكون دوحة عربية صامدة بإذن الله ولن يهتز. وعلى طريقة العن الظلام أو اشعل شمعة، فنحن نشعل الشمعة ونحملها باتجاه العرب وليس باتجاه طرف آخر، ونرجو من إخواننا العرب أن يستقبلونا بالترحاب.
لوحظ تطور العلاقات السعودية - العراقية بعد الانسحاب الأميركي، كيف ترون الوضع بين البلدين؟
العراق بادر في فتح سفارة وأرسل سفيراً إلى السعودية، وكنا نتمنى من 2003 و2004 أن تكون هناك منطقة لتبادل التجارة الحرة بين السعودية والعراق كما توجد منطقة تبادل تجاري حر بين العراق وكل من تركيا وإيران، ومع ذلك المنتجات السعودية من أكثر المنتجات طلباً في السوق العراقي لأنها منتجات قادرة على المنافسة، وتم اختبارها في التجربة، وإنها جيدة.
وليس من المنطقي أن تعبر البضائع السعودية إلى الأردن ويؤخذ عليها رسوم حتى تصل العراق. نتمنى ألا نتعاون فقط دبلوماسياً، ولكن أن تكون هناك منطقة تبادل تجاري حرة بين العراق والسعودية، وهذا ليس صعباً فخلال عبوري إلى السعودية وجدته خطاً مستقيماً من بغداد إلى الرياض، فالمسافة قريبة جغرافياً، وإن شاء الله المسافة بين القلوب والمحبة والنفوس أيضاً تكون قريبة. فعلينا التعاون والعمل معاً لتعزيز الأمور الإيجابية.
والعراق من الناحية الاقتصادية والمالية بلد واعد. نحن نحتاج إلى أن نبني كل شيء، ولدينا القدرة المادية والاستعداد، وبدلا من أن نرى الشركات الأجنبية تبني العمارات وتقوم بإنشاء المشاريع، نريد أن نرى شركات عربية وسعودية تحديداً. لماذا لا يتم هذا؟.
وأتمنى كوزير للثقافة أن يكون هناك تبادل ثقافي، وأن يكون هناك مركز ثقافي عراقي في الرياض ليقول للسعوديين هذا العراق وتاريخه.