تجملهن الروح المرحة والصبر على شظف العيش وقلة الرزق، ويفترشن مساحات محدودة في الأسواق، ويكتفين بالقليل لإعالة أسر تنتظر منهن الكثير والكثير؛ إنهن البائعات في المباسط، يفترشن مساحات محدودة وسط بعض الأسواق التجارية الشعبية، ولم يسمع البعض منهن بقرار تأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية ولا يعلمن عن حافز أي شيء.
"الوطن" رصدت جهاد بعض من السيدات وتحديهن للظروف القاسية ومجابهة مصاعب الحياة من أجل تأمين لقمة للعيش لمن يعلن منذ عشرات السنين، دون أن ينتظرن الموافقة على تأنيث المحلات النسائية، مؤكدات أن القرار لا يعنيهن بأي شيء وقد سبقنه بعقود.
تقول "أم إبراهيم" التي تعمل باسطة في سوق البلد بالطائف إنها تعمل هي وابنتها في هذا المكان منذ فترة طويلة؛ حيث تسعى جاهدة لتأمين لقمة العيش لأطفالها الذين ينتظرونها أثناء العودة لتعطيهم مصروفهم لليوم التالي، وبينت أنها تعاني ظروفا قاسية وتأتي إلى مبسطها في فترتي الصباح والمساء بينما تصطحب ابنتها في المساء فقط لترعى أشقاءها صباحا لحين عودة والدتهم وتشير إلى أنها تبيع الشراشف والسجادات ونحو ذلك بينما تقوم ابنتها ببيع بعض العصائر والمرطبات والتسالي المتنوعة.
وعن سؤالها لماذا لا يـكون لكن محل مستقل للبيع فيه بدلا من البسطات على قارعة السوق قالت إن هذه البسطات تمثل لنا حياة ونحن نعمل فيها ولا ندفع أجرا لأحد، مشيرة إلى أنه إذا تم توفير محل فسوف تقوم بدفع قيمة المكان وإيجاره وليس لديها القدرة على ذلك.
وبينت "أم ريان" أنها تعمل في مبسطها بسوق العنقري منذ زمن بعيد حيث تسعى وراء رزقها ورزق أطفالها الصغار والذين ينتظرونها مساء ليرون ماذا تحمل في يدها لهم عند عودتها.
وبينت أنها لا تأتي لمبسطها إلا في الفترة المسائية فقط، حيث تبيع وتشتري والرزق فيها يأتيها بشق الأنفس. وقالت إنها تتمنى أن يكون لهن سوق متخصص دون أن يدفعن إيجارا وأن تساهم الأمانة في ذلك دونما فرض الأجور مشيرة إلى أنهن بالكاد يستطعن أن يكسبن قوت يومهن من تلك المباسط البسيطة والتي لا تباع فيها ماركات أو نحو ذلك بل أشياء بسيطة من ملابس ونحوه ومستلزمات نسائية بحتة وتمنت أن يفتح لهن مجالا بتوفير دكاكين خاصة بكل بائعة دون فرض أجور وقالت إنها تمكث بجانب بسطتها من بعد صلاة العصر وحتى ما بعد صلاة العشاء في حين قد يطول الوقت صيفا لما بعد التاسعة مساء.
وقالت حصة بائعة بأحد مباسط سوق البلد إن بضائع جميع المباسط لا تختلف ولا شيء يميزها سوى الأسلوب الذي تستخدمه كل بائعة في عرض بضاعتها متمنية أن يعملن في محال خاصة بهن دون فرض رسوم عليهن.
وبينت أنها لا تعلم عن نظام تأنيث المحلات النسائية ولم تعلم عن حافز أي شيء لكنها في الوقت ذاته سعيدة بالعمل في المباسط حيث لا يتم فرض رسوم أو مبالغ مالية على المكان الخاص بهن في البسطات وما يزعجهن كثيرا شح العائد المادي حيث تجبرهن الظروف أحيانا على الاستدانة لشراء البضاعة والعمل عليها ومن ثم تقسيم العائد بين أطفالها وأسرتها وزوجها العاجز وبين من استدانت من لديه البضاعة، وأشارت إلى أن زبائنها لا يقتصرون على السيدات فقط بل يأتيها الرجال أيضا لطلب بضائع خاصة بزوجاتهم أو أمهاتهم.
أما البائعة "أم فيصل" بسوق العنقري في الطائف فذكرت أنها تمنت أن تعمل بائعة في أحد المحلات كما يحدث الآن في بعض الأسواق حيث تقوم الفتيات بالبيع في بعض المحال الخاصة بالنساء أو أن يكون لها محل خاص بها لبيع المستلزمات النسائية التي تعرضها في بسطتها دونما أجر.