تتميز منطقة جازان بالعيون الحارة الطبيعية التي تعلوها سحب الدخان المتصاعد من أبخرتها ومائها شديد الحرارة التي تتراوح درجاتها الخارجية ما بين 58 - 75 درجة مئوية. وتعتبر هذه العيون مصدر جذب للسياحة العلاجية، حيث أثبتت الدراسات أن مياه تلك العيون تفيد في علاج الكثير من الأمراض خاصة الروماتيزمية والجلدية والفطرية، ورغم كل ذلك إلا أنها لم تستغل الاستغلال الأمثل وما زالت تنتظر رجال الأعمال لاستثمارها. وفي ظل انشغال الجميع في كيفية استثمار هذه الثروة في دعم السياحة، برزت على السطح دراسة جديدة تؤكد إمكانية الاستفادة من عيون جازان في توليد الطاقة الكهربائية بأسعار منافسة، وهو ما سيؤدي إلى تغيير بوصلة التفكير في استثمار هذه الثروة، ليس في دعم السياحة فقط بل في كيفية استثمارها في دعم الاقتصاد والطاقة.

وقدم المهندس أبوبكر عقيلي المتخصص في مجال الكهرباء دراسة حصلت "الوطن" على نسخة منها تؤكد إمكانية الاستفادة من العيون الحارة في توليد الطاقة الكهربائية، وبالتالي تقليل اعتمادنا على البترول والمحافظة على مواردنا ودعم اقتصادنا. ولفت عقيلي إلى أنه بالرغم من أن السعودية بدأت تخطو باتجاه استغلال طاقة الشمس والرياح، إلا أن طاقة حرارة الأرض لم يتم التطرق لها إطلاقاً رغم أنها تتفوق باعتماديتها العالية وتوفرها خلال الـ 24 ساعة بخلاف الشمس والرياح.

وذكرت الدراسة أن درجة حرارة مياه العيون الحارة بجازان أقل من 90 درجة على السطح، لذلك يقتصر استخدامها على الاستخدام المباشر للعلاج، بينما لو تعمقنا تحت الأرض ستتجاوز حرارتها الـ 150 درجة وحينها يمكننا استخدامها في توليد الطاقة الكهربائية بواسطة تقنيات متطورة يستخدمها حالياً الكثير من الدول على مستوى العالم. ففي الفلبين على سبيل المثال يتم إنتاج 22% من الطاقة الكهربائية بواسطة هذا النوع من الطاقة بما يوازي 244 ميجا وات.

وحول تكلفة الإنشاء وأسعار التعرفة ذكرت الدراسة أن تكلفة إنشاء محطات التوليد بواسطة حرارة الأرض ترتبط بمقدار القدرة المنتجة والموقع ودرجة حرارة مياه الأرض وحجم المحطة. وتصل التكلفة إلى 1150 دولارا للكيلو وات في المحطات الكبيرة بينما تكون 3000 دولار للكيلو وات في المحطات الصغيرة. وتعتبر تعرفة الاستهلاك لهذا النوع من الطاقة أقل بكثير من التعرفة الحالية، لذلك ستقل أسعار الفواتير بشكل كبيرا، خصوصاً أن الكثير من أهالي منطقة جازان يعانون من ارتفاع أسعارها مقارنة ببقية المناطق.

وحول دعم الاقتصاد وحماية البيئة قالت الدراسة إن كل الطاقة الكهربائية التي يتم إنتاجها على مستوى العالم والبالغة 8.9 ميجا وات توفر ما يوازي 12.5 مليون طن من الديزل سنويا، وبالتالي تخفيض الانبعاثات الغازية لثاني أكسيد الكربون الصادر من توليد الكهرباء بواسطة الديزل والذي يصل إلى 80 مليون طن من الغاز، كما أن المساحة المطلوبة لإنشاء محطات التوليد بحرارة الأرض صغيرة مقارنة بتلك التي تنشأ لمحطات التوليد بالفحم والنووية، وبالتالي يوفر ذلك مساحات أكثر وإزعاجا أقل. وقال معد الدراسة المهندس أبوبكر عقيلي لـ "الوطن" إنه يسعى من خلال هذه الدراسة للمساهمة في خدمة الوطن، متمنياً التجاوب مع هذه الدراسة للاستفادة من العيون الحارة الموجودة في منطقة جازان اقتصادياً بعدما تم إهمالها سياحياً.