نرى في الآونة الأخيرة اهتماما بالغا من كافة دول العالم بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة (Small & Medium Enterprises)، باعتبارها واحدة من أهم الأدوات التي تساهم في دفع عجلة الاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة. ويتزايد هذا الاهتمام لإدراك المجتمع الاقتصادي العالمي أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في تفعيل الأنشطة التنموية وتحويلها إلى محرك للنموالاقتصادي وزيادة الناتج المحلي للدول. وفي المملكة كغيرها من الدول، حظيت المنشآت الصغيرة والمتوسطة باهتمام بالغ من قبل الدولة التي أنشأت العديد من الهيئات واللجان والبرامج والمراكز، ونظمت الكثير من المؤتمرات وورش العمل للنهوض بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، لزيادة معدل نمو الاقتصاد السعودي المطرد، وتحقيق المزيد من الرفاهية والرخاء للمجتمع بزيادة الإنتاجية وتنويع مصادر الدخل.
ورغم إعجابي بالعديد من المبادرات الوطنية التي أطلقتها الدولة للنهوض بهذه المنشآت مثل (ريادة)، (صندوق المئوية)، (برنامج تطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة)، (مراكز تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة) وغيرها، والتي تقوم بدور هام في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إلا أن تجربة برنامج (بادر) لحاضنات التقنية بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تعد نموذجا فريدا ورائعا في دعم ورعاية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المجال التقني الذي يعد مجالا رحبا للنهوض بالاقتصاد، بل هناك العديد من دول العالم التي لا تملك موارد طبيعية ضخمة إلا أنها تصنف من أغنى دول العالم، مثل اليابان وسنغافورة ولوكسمبورج وسويسرا وغيرها لاهتمامها بالتقنية والابتكار والإبداع، ولذلك يعد اهتمام (بادر) بهذا الجانب أمرا هاما وحيويا لتطوير وتوطين التقنية في المملكة، وتعزيز مسيرة الاقتصاد الوطني، والمساهمة في خلق المزيد من الفرص الوظيفية للشباب السعودي.
أتمنى أن تتضافر جهود جميع الجهات الحكومية والغرف التجارية وشركات القطاع الخاص لدعم وتطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، حيث تتميز هذه المنشآت بسهولة إدارتها وسرعة نموها، فضلاً عن دورها في القدرة على امتصاص العمالة والتخفيف من حدة البطالة. ففي اليابان مثلاً تستوعب المنشآت الصغيرة والمتوسطة نسبة (84.4%) من مجموع العمالة الصناعية، وفي دول الاتحاد الأوروبي تستقطب (69%) من القوى العاملة.