رغم حرمـة المقابـر، إلا أن عـدداً من العمالة الوافـدة تجـاوز ذلك بمجاورة المقبرة العامـة بشمال تبوك وبناء مواقـع لتشاليح السيارات، إضافة إلى بناء مساكن عشوائية للسكن فيـها، فيـما أبدى الأهالي استغرابهم من هذا الوضع المتناقض والذي لا يتناسب مع حرمة الأموات، مـشيرين إلى أنه يسترعـي انتباههم دائما وجود لوحة إعلانية بمدخل تشليح السيارات تذكر بـ"دعاء زيارة القبور".
وفي ظل غياب الجهات التنظيـمية عـن منطـقة التشاليح عمد بعض العاملين بالمهنة إلى اقتطاع أراضي وتسييجها ليـزاولوا بيع القطع المستعـملة وتـزايدت أعدادهم وأصبحت أكـثر من المواقع المرخصة، و ليمتدوا إلى الطريق الرئيسي المؤدي إلى محطة الصرف الصحي.
25 عاماً من الفوضى
وقال أقدم العاملين بتشليح السيارات علي محمد شامان، إن هذا الوضع مستمر منذ 25 عاماً ولم يتغير، مضيفاً أن عدد المحلات 170 محلاً، المرخص منها 50 فقط، والمتبقي غير نظامي، معتبراً أن بقاء الوضع على هذا النحو دون تدخل عاجل من الجهات المسؤولة سيتسبب في مشاكل كبيرة.
وأضاف، أنه في عام 1426 طلبت الأمانة من أصحاب المحلات مبلغ 10 آلاف ريال، بحجة تنظيم المنطقة وإعادة تخطيطها وتقديم الخدمات اللازمة"، ولكنها لم تف بوعدها حتى الآن، ولا يعلمون أين ذهبت الأموال.
وذكر المواطن خالد الرويلي، أن مجاورة تشاليح السيارات للمقبرة وتحويلها لمكب نفايات يعد انتهاكا لحرمتها كون العمالة لا تعي ذلك، فيما أشار محمود عويض إلى أن سكان المقبرة يعانون أيضا من غياب السفلتة وتلوث الهواء بالغبار والأتربة لمرور السيارات على طرق غير معبدة ومرصوفة.
سرقات ليلية
وأجمع بعض أصحاب المحلات في حديثهم إلى"الوطن"، على انتشار السرقة وبيع المخدرات في المنطقة، مطالبين الجهات الأمنية بوضع حد لهذه المشكلات.
ولفت محمد عودة العطوي إلى تعرض ورش التشاليح لسرقات من قبل بعض المجهولين، حيث يقومون بسرقة قطع الغيار خفيفة الوزن، ليقوموا ببيعها مرة أخرى لمحلات السكراب، مشيراً إلى أن بيئة المنطقة الحالية ساهمت في زيادة السرقات، لعدم وجود الإنارة والعشوائية وتداخل المحلات، بالإضافة لبعد المنطقة عن النطاق العمراني وأعين أجهزة الأمن, وقال "قمنا بتوظيف حراس ليلا لمنع سرقتها بعد انصراف العاملين".
وبين سميحان علي الضبع، أن مشكلة السرقات زادت وأخذت بعداً خطيراً، حيث انتشرت قضايا السطو المسلح" مستشهدا بتعرض أحد عماله للسرقة تحت تهديد السلاح، واقترح سميحان إنشاء سور على المنطقة يوجد به بوابات للدخول والخروج مع تأمين حراس أمن يتكفل بهم أصحاب المحلات.
تكدس حديد
وأوضح المواطن فالح الشراري صاحب أحد محلات التشليح أن شرطة المنطقة تمنع أصحاب التشاليح من بيع مخلفات الحديد المتبقي لديها لمحلات السكراب لاحترازت أمنية مما أحدث تكدساً لهياكل السيارات والقطع التالفة، وذكر أن محله أصبح مكتظاً بأكوام الحديد ولا يستطيع استيعاب سيارات أخرى لتشليحها.
وذكر عبدالكريم الرشيدي أنه يعمل في هذه المهنة منذ عام 1411 وأن الأمانة أعطته موقعا ليقيم عليه محلاً للسكراب، ولكنه تفاجأ بوجوده ضمن مشروع زراعي، لافتاً إلى أنه أجبر على التعدي بإنشاء محله على أرض مجاورة لا يمتلكها، وقال" لأنني لا أمتلك رخصة فقد واجهت مشكلة عدم قدرتي على استقدام عمالة للمحل، الأمر الذي جعلني استعين بالعمالة المجهولة"
عمالة مخالفة
وحول وجود عدد كبير من العمالة المخالفة في هذه المنطقة، ذكر الناطق الإعلامي في جوازات منطقة تبوك العقيد منصور الناصر لـ "الوطن"، أن دوريات الجوازات تقوم بمهامها بصفة مستمرة في هذه المنطقة وفي أوقات مختلفة ويتم ضبط الكثير من العمالة المخالفة لنظام الإقامة من وقت لآخر، وفي حالة العثور على تجاوزات أو مخالفات أمنية يتم التنسيق مع الإدارة الأمنية المعنية في حينه. فيما أكد مدير مرور تبوك العقيد محمد بن علي النجار، أن هناك لجنة مشتركة ما بين الأجهزة الأمنية، يتم من خلالها التفتيش الدوري والرقابة الأمنية على محلات التشاليح، مشيراً إلى أنه يُلزم كل صاحب ورشة بإحضار ما يثبت ملكيته للمركبات المباعة كقطع غيار، لافتاً إلى أنه في حالة وجود أي مخالفة من قبل صاحب المحل، فإنه يتم تطبيق لائحة الجزاءات والغرامات الخاصة بهذا الشأن، وفي حالة تكرار المخالفة يتم مخاطبة "الجهات المسؤولة" بشأن إلغاء التراخيص وإقفال المحل نهائياً. وأبان العقيد النجار، أنه في حال رغبة صاحب المحل بشراء سيارة مصدومة وتحويلها لقطع غيار، فإنه يتم تحويله لوحدة "البحث والتحري" بإدارة المرور، وذلك للتأكد من عدم وجود أي طلب أمني لهذه المركبة أو بلاغ، ومن ثم يتم نقل المركبة من صاحبها الأصلي إلى صاحب التشليح، وإسقاطها من النظام المروري كـ " قطع غيار"، منوهاً إلى أنه يتم إتلاف لوحات المركبة المسقطة حتى لا يتم استغلالها من قبل ضعاف النفوس.
سفلتة المخطط
ومن جانبه، أوضح أمين أمانة منطقة تبوك المهندس محمد عبدالهادي العمري لـ "الوطن"، أن موقع التشليح كان قد اعتمد "شمال الصوامع" عام 1417، وذلك بعد أن كان موقعه داخل المدينة، مؤكداً أنه تم سفلتة بعض الشوارع في ذلك الوقت إلا أن هذه السفلتة لم تعد كافية في الوقت الراهن وتقرر نقل موقع التشاليح، كما تم مخاطبة شركة الكهرباء لإيصال التيار الكهربائي للمحلات منذ ذلك الوقت.
وأبان المهندس العمري، أنه مع توسع المدينة تم إعداد العديد من الدراسات التخطيطية، ومنها المخططات المحلية والتفصيلية وتم "اقتراح" موقع "شمال شرق" مدينة تبوك، لنقل جميع الخدمات التي كانت تسبب إزعاجا للسكان، مشيراً إلى أن عدد هذه الخدمات حوالي 23 خدمة ومنها تشليح السيارات والسكراب.
وأضاف أن الأمانة بصدد اعتماد هذه المخططات من قبل الوزارة، وسوف يتم نقل التشليح والسكراب لهذا الموقع الجديد.