نشرت صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية أمس ريبورتاجا لموفدتها الخاصة إلى حمص الصحفية إديث بوفييه تتحدث فيه بإسهاب عن المستشفى الميداني في حي بابا عمرو؛ حيث تلقت العلاج الأولي من الجروح البالغة التي أصيبت بها أثناء وجودها في هذا المعقل السابق للمعارضة السورية المسلحة. وأصيبت الصحافية الفرنسية في 22 فبراير الماضي ولم تتمكن من العودة إلى بلدها إلا في 2 مارس "في ختام رحلة خطرة عبر سورية. وأوضحت "لو فيجارو" أن بوفييه "لا تزال تتلقى العلاج في المستشفى في فرنسا وقد خضعت لعملية جراحية دقيقة وطويلة في ساقها". وفي تحقيقها تصف الصحفية المستشفى الميداني الذي أقامه "الجيش السوري الحر" المنشق والذي كان يسيطر على حي بابا عمرو قبل أن تقتحمه القوات الموالية للرئيس بشار الأسد بعدما حاصرته وقصفته خلال ما يقرب من شهر. وكتبت بوفييه في تحقيقها أن هذا المستشفى عبارة عن "مبنى عادي" ولكنه مع هذا كان "ملاذا" و "واحة من الإنسانية". وأضافت أن "الجرحى يتكدسون فيه، يعالجونهم بدون أي شيء تقريبا" على وقع استمرار سقوط الصواريخ والقذائف على بابا عمرو.

وتطرح تغطية الأحداث في سورية صعوبات أمنية ولوجستية بالنسبة للصحفيين الذين قضى بعضهم خلال أداء مهمته، فالأمر يتطلب التسلل عبر الحدود مع مخاطر التعرض للتهديد من القوات النظامية، وأحيانا من مسلحي المعارضة، بالإضافة إلى تفادي تحديد مواقع البث. ويفرض النظام السوري قيودا شديدة على تحرك الصحفيين، أما من يود الوصول إلى المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون فليس أمامه سوى التسلل عبر لبنان أو تركيا، وهي رحلة طويلة وصعبة كما عايشها، كان عليهم أن يقطعوا الطريق أحيانا بالسيارة أو على دراجة نارية أو سيرا في طرق موحلة وهم يحملون حقائبهم الثقيلة وسترات واقية من الرصاص، ويستعينون بالمهربين لإرشادهم إلى الطرق مقابل بدل مالي، أو بالمعارضين. ويقول لو ماتيو مراسل صحيفة ليبراسيون الفرنسية إن "التجول هو الأصعب" بعد الدخول إلى سورية. لقد بقيت محتجزا لأربعة أيام لأنني أردت الوصول إلى إدلب" في شمال غرب سورية، والتي أقام الجيش حواجز حولها. ويواجه كل صحافي يتسلل إلى سورية مصيرا غامضا إذا ما أوقفته قوات الأمن.

وكتب المراسل الحربي روبرت يانج بلتون في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي أخيرا أن "ما علمته روسيا لسورية هو: عندما تدمرون مدينة، تأكدوا أنه لن يخرج منها أحد حيا، ولا حتى التاريخ".