ربما تكون التنشئة العسكرية التي تربى الجنرال ستانلي ماكريستال في كنفها قد جعلت منه رجلا فجا في تعاطيه مع السياسيين. فالضابط ابن الضابط، لم يسعه أن يرى رجاله يقتلون مجانا في أفغانستان وباكستان على أيدي رجال هم من وجهة نظره غير مدربين ولا يعرفون الخطط العسكرية، فيما يرى في الوقت نفسه دولا تسحب قواتها من التحالف الذي يقوده وتترك قواته وحدها تواجه مصيرا أسود في وزيرستان وهلمند ومرجه وحتى داخل كابول وغيرها من الأسماء التي سكنت ذاكرتنا منذ حرب الولايات المتحدة على أفغانستان.
يدرك ماكرستال إن الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة في أفغانستان امتدادا إلى باكستان بصورة غير مباشرة لا تلقى شعبية في بلاده. والرئيس باراك أوباما يعلم أيضا هذا الشعور الشعبي الذي عُبر عنه في أكثر من مناسبة، حتى إن وصوله إلى الرئاسة كان نتيجة هذا الشعور الشعبي.
ولأن الحكم استمرارية، فإن الحرب هي كذلك، ولا مجال للرئيس الديمقراطي أن يلغي حربا بدأها الجمهوريون، كان على أوباما أن يعرض استراتيجية جديدة لأفغانستان، تتحدث عن التفكير في كيفية الانسحاب من هذا البلد. كانت الاستراتيجية ربما متناقضة مع تطلعات ماكرستال التي كانت تهدف إلى زيادة أعداد القوات الأمريكية بدل تقليصها، وهو ما وافق عليه أوباما مجبرا.
من أوباما إلى بيدن وهولبروك لم يسلم أحد من لسان "الجنرال الهارب" الذي لم يتوان عن الاعتذار والاعتراف بارتكاب "خطأ كان يجب ألا يحدث على الإطلاق".