الإثراء في زمن تحجر العقول ! يقصد بالإثراء في قاموس اللغة العربية كالتالي أثرى يُثريِ إثراء فهو مثرٍ والمفعول مثري للمتعدي، أثرى الرجل كثر ماله واستغنى به عن الناس، أثرت الأرض كثر ثراها، أثرى الشيء جعله غنياً، الإثراء الفاحش يعني الغنى الفاحش أي كثرة المال. في زمننا الحالي تعتبر كلمة الإثراء من الألفاظ الدارجة والمحببة إلى نفوس بعض مشرفي إدارات التربية والتعليم فبمجرد زيارة أحد الموظفين العاملين بالميدان التربوي مراراً وتكراراً سوف نسمع هذه اللفظة وهذه الكلمة تتدرج بين ثنايا توصياته وتوجيهاته بل إن عدداً كبيرا منهم يحاول إعادتها بشكل متعمد حتى يثبت للموظف الذي أمامه أنه ذو اطلاع ودراية بكل ألفاظ اللغة العربية الفصحى، وأنه يمتلك إرثاً هائلاً من المحفزات والمشجعات التي سوف تخدم ميداننا التربوي وتثريه عند الإبحار في قاموس اللغة العربية الفصحى. نلاحظ جميعاً أن تلك اللفظة وتلك الكلمة لا ترتبط بتاتاً بأي جانب من جوانب التحفيز ولا حتى التوجيه، فهي في وادٍ سحيق ومعناها في وادٍ سحيق آخر، وما يزيد الطين بلة أن يتكرر ذات الخطأ في التعاميم والخطابات اليومية التي ترد لإدارات المدارس، حيث إن تلك اللفظة لابد لها من حشر نفسها بين ثنايا تلك التعاميم وبين مضامينها لتثبت لجميع العاملين بالميدان حقائق مغلوطة من هدفها النهائي.

بعيداً عن الإثراء والثراء، تعتبر الإشكالية الوحيدة من وجهة نظري في فشل خطط التطوير والنهوض بتربية وتعليم بلادنا في الوقت الراهن هي تمسك إدارات التربية والتعليم في كافة مناطق بلادنا بعدد كبير من المشرفين الذين تقدمت بهم السنوات والأعمار دون حدوث جديد في عالم التربية والتعليم. فأولئك المشرفون هم قبل وهم بعد، وأقصد بقبل أي قبل برامج التطوير وخطط التعديل، وبعد يقصد بها بعد خطط التطوير وبرامج التطوير، الهم الوحيد الذي يفكر به عدد كبير منهم هو كيفية استكمال سنوات الخدمة فقط دون النظر والالتفات لأية برامج جديدة تعالج جوانب الخلل والتقصير، جميعهم يفكرون دائماً وأبداً في قادم أيامهم الأسود وما قد تؤول إليه بعض الأمور، ويعيدون التفكير مراراً وتكراراً في محاولة إثبات نواياهم ومقاصدهم تجاه التربية والتعليم في بلادنا.