الإعلانات الصادرة عن صندوق التنمية الزراعية لطرح تنفيذ مشاريع لتسعة مباني (دفعة واحدة) كمكاتب للصندوق في عدد من المحافظات أمر جيد تشكر عليه إدارة الصندوق، لحرصها على إيجاد مقار دائمة لفروعها ومكاتبها لتتبع مقرها الرئيسي. ومع عدم التقليل من أهمية الصندوق ودوره الحيوي في وقت مضى؛ إلا أن دوره تقلص في ظل شح الموارد المائية التي لا تشجع على الاستمرار في النهج السابق لإنتاج القمح والأعلاف وبعض السلع الزراعية.

لدينا الآن خمسة صناديق تأتي في الأولوية، وهي بحاجة إلى إنشاء مقار رئيسية وفروع لها في بقية المناطق ذات التواجد الصناعي والنمو السكاني والاقتصادي. وهي صناديق التنمية الصناعية، الاستثمارات العامة، التنمية العقارية، والصندوق السعودي للتنمية، وصندوق التسليف والادخار. حيث تقدم خدماتها منذ (37) عاماً من خلال مراكز رئيسية تعمل في مقار مستأجرة باستثناء السعودي للتنمية والتسليف والادخار منذ وقت قريب.

هذه الصناديق جميعها معنية بدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. فمثلا صندوق التنمية الصناعية معني بدعم الصناعة باعتبارها القطاع الواعد والخيار الاستراتيجي الأول للمملكة حيث النفط والغاز والتعدين والفوسفات. هذه الموارد وغيرها تشكل منطلقا تنموياً اقتصادياً، من حيث اكتشافها واستخراجها وتكريرها وإنتاجها وتسويقها محلياً وتصديرها للأسواق الأجنبية، وتوظيفاً لشريحة كبيرة من المواطنين. وكذا الصندوق السعودي للتنمية ودوره كطرف ثالث ممول وضامن ومشجع لتنمية الصادرات الوطنية. خطى منذ سنوات خطوات جيدة باستحداث إدارة خاصة تعنى بالصادرات ضمن اهتمامات المملكة الهادفة لتقديم المساعدات التنموية والإنسانية للدول الشقيقة والصديقة. كما أن صندوق الاستثمارات العامة معني بإدارة استثمارات الدولة المحلية منها والخارجية، وكذا صندوق التنمية العقارية ودوره في تخفيف الأعباء السكنية على المواطن للخروج من الأزمة السكنية الخانقة التي يتعرض لها شريحة كبيرة من المواطنين، وكذا صندوق التسليف والادخار ودوره في التخفيف من أعباء الحياة الاجتماعية على المواطنين ذوي الدخول المحدودة، ودوره المشكور حديثاً في تنمية المنشئات الصغيرة، وهو ما يتطلب التوسع في خدمات هذه الصناديق الخمسة وحاجتها لافتتاح فروع لها في مناطق الإدارة والإنتاج والتصدير والتمويل والتسويق وتواجدها على مستوى المملكة. الصندوق الزراعي أنشئ في وقت كانت فيه المياه وفيرة، والزراعة نشطة، أما الآن فدوره أصبح شبه محدود بعد أن اكتشفت الدولة أن الاستمرار في إنتاج بعض المحاصيل لا يحقق المصلحة المرجوة، بل يستنزاف الموارد المائية بالإضافة إلى كلفته المادية، فقررت تخفيض الإعانات لبعض المحاصيل الزراعية، وإيقافها كلية عن البعض الآخر بحلول 2016.

ولأن الصناعة هي الخيار الاستراتيجي والقطاع الواعد بالنسبة للمملكة فإنه لا بد من تمكينها من الانتشار في مختلف المدن والمحافظات، بما يساعد على توفير المزيد من السلع وفرص العمل الحر، واستقطاب طالبي العمل من أبناء الوطن للحد من النزوح السكاني والهجرة لبعض المدن دون غيرها، وهنا تأتي أهمية إنشاء مدن صناعية، الأولوية فيها للشمال والوسط والجنوب، من خلال التوسع في تأسيس مجمعات صناعية حديثة خارج مناطق الكثافة السكانية على مستوى المملكة، لتكون في متناول المستثمرين وأصحاب المنشآت الصغيرة بمساحات مناسبة، تكون مجانية أو بإيجار رمزي مع تخصيص جزء من مساحات المدن الصناعية لإنشاء موانئ جافة ومستودعات نظامية لتخزين مختلف أنواع السلع المحلية منها والمستورد. تلك التي تخدم أهداف الخزن الاستراتيجي، خاصة مع تباشير تنفيذ خطوط السكك الحديدية لتخفيف الضغط على الطرق البرية ومينائي جدة والدمام. للتشجيع على قيام صناعات جديدة والتقليل من تكاليف السلع. بعض المشاريع الزراعية والحيوانية تتواجد الآن داخل المدن والمناطق الصناعية. وتستفيد من خدماتها، وبالتالي فإنها تدخل ضمن نشاط قطاع الصناعة. حيث تمر عبر خطوط الإنتاج الصناعي، كالثروة السمكية والحيوانية والدواجن والطيور، تخضع للتدوير والتحوير والتعبئة وإضافة المواد الحافظة والتعقيم والتغليف والتخزين والتبريد قبل مراحل التسويق وإيصالها للمستهلك النهائي. من هنا تأتي الأهمية والأولوية لإعادة هيكلة تلك الصناديق التنموية جميعها في ظل الظروف الحالية. مع العمل على تحويل تلك المكاتب التسعة المعلن عنها، وزيادة عددها إلى (13) بحيث تغطى كافة مناطق المملكة الإدارية لتقديم الخدمات لهذه الصناديق الخمسة بما يعينها على تحقيق الأهداف المرجوة. والأغراض التي إنشئت من أجلها. مع إعادة النظر في إرجاع المكاتب التسعة الموجودة خارج المملكة والتابعة للهيئة العامة للاستثمار للاستفادة من تكاليفها المادية وكوادرها أو إحالة البعض منها إلى ملحقيات تجارية أو مكاتب تمثيل لأرامكو وسابك للقيام بخدمات أشمل لمختلف القطاعات الحكومية والأهلية السعودية. وبما يوفر الجهد والوقت على المستثمر وكذا خزينة الدولة، لتكون بمثابة همزة وصل بين المراكز الرئيسية والمستثمرين الراغبين في إقامة مشاريع صناعية جديدة أو إجراء التوسعة على مشاريع قائمة، والتركيز على البحث عن الفرص الاستثمارية المحلية المتاحة، وإعداد الدراسات الأولية عنها ورفع نسبة التمويل للمشاريع وإطالة فترة السداد، وتمكين هذه الصناديق التنموية من الاستمرار في أداء دورها الحيوي.


محمد عبدالله العمر

أمين عام غرفة ينبع