أصيبت 53 طالبة في كليتي التربية والآداب بجامعة الملك خالد بأبها، خلال تدافعهن أمس، للمطالبة بضرورة تحسين بيئة التعلم، واحترامهن من قبل مسؤولات الكلية ومشرفات الأمن، ورفع النفايات المتكدسة في الكلية منذ عدة أيام، وسط حضور مكثف من قبل دوريات الأمن والهلال الأحمر والشؤون الصحية والدفاع المدني وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودوريات المرور، إضافة إلى موظفات السلامة والأمن بالجامعة.
بيئة غير مناسبة
وأكد عدد من الطالبات، أن العشوائية في آلية العمل وضعف مستوى بعض الكوادر من سمات جامعة الملك خالد، مشيرات إلى معاناتهن من سوء النظافة وغطرسة المشرفات، في ظل الصمت الذي يسيطر على المسؤولين في الجامعة تجاه حل مشاكلهن والنظر إليها.
وقالت الطالبة (ه، ش)، إن الكلية تعاني، ومنذ فترة، نقصا في أعداد المقاعد، رغم إبلاغ إدارة الكلية بذلك، ولكن دون جدوى، مشيرة إلى أن الطالبات عانين كثيرا من غياب البيئة التعليمية الراقية التي تتناسب وطالبات الجامعة. وأشارت الطالبة (أ، ع) إلى قسوة بعض الإداريات والمشرفات في التعامل مع الطالبات، مشيرة إلى أن ما حدث في كلية أبها ليس ببعيد عما يحدث في بعض كليات المحافظات التي تعاني ازدحاما كثيفا من الطالبات، ولاسيما أنها مستأجرة وتفتقد إلى أبسط مقومات التطوير.
وأشارت الطالبة (ك، ع) إلى أنها كثيرة الغياب بسبب سوء أوضاع الكلية المتعلقة ببيئتها، وسوء معاملة بعض عضوات هيئة التدريس والمشرفات، مطالبة بضرورة إعادة النظر في وضع الكلية، وتغيير النظرة حيال التعامل مع الطالبات، ولاسيما أنهن أصبحن يدركن حقوقهن جيدا. ولفتت الطالبة (ر، ق) إلى أنها وزميلاتها يمشين على أكوام النفايات لعدة أيام وتحديدا في المنطقة القريبة من الكافتيريا، دون اكتراث من عمادة الكلية بالمطالب السابقة، فيما أكدت على ضرورة قيام الجامعة بإجراء ترتيب شامل لأوضاع الكلية، ومن ثم تعزيز الثقة لدى الأهالي بأن بناتهم يدرسن في بيئة مناسبة، ويحظين باحترام وتقدير.
ومن جانبه، أكد ولي أمر إحدى الطالبات، المواطن (ع،ع) أن ابنته أفادته بأن معظم دورات مياه الطالبات مغلقة، ولم يتم فتح البوفيه طوال أمس، مما تسبب في معاناة الطالبات، وكأنها ردة فعل من قبل إدارة الكلية على مطالبهن. فيما أشار المواطن (ص، د) إلى أن شقيقته "طالبة" تؤكد سوء نظافة الكلية، وتفاقم المشكلة يوما بعد آخر، مما ينم عن خلل كبير لدى الجهات المعنية في الجامعة، رغم المطالب السابقة للطالبات بذلك، مضيفا أن شقيقته أشارت إلى تعرض بعض الطالبات للضرب والدفع المتعمد مما تسبب في إصابتهن.
طبيعة الإصابات
إلى ذلك، أوضح الناطق الإعلامي للشؤون الصحية في منطقة عسير، سعيد بن عبدالله النقير، أن ثماني فرق طبية بقيادة مدير إدارة الطوارىء، يحيى بن مفرح عسيري، انتقلت إلى الكلية، وتضم فريقا طبيا متكاملا وسيارات إسعاف، وجرى نقل 22 حالة، منها 14 حالة إلى مستشفى عسير المركزي، وثلاث إلى مستشفى أحد رفيدة، وحالتان إلى المستشفى العسكري ومثلهما إلى أبها العام وحالة واحدة إلى مستشفى خميس مشيط العام، وأغلبها تعاني الإرهاق والإغماء والاختناق بسبب التدافع، فيما جرت معالجة 31 حالة بموقع الحدث، مع استمرار تواجد الفرق حتى وقت متأخر، تحسبا لأي تطورات.
وأكد مدير الشؤون الفنية، المتحدث الرسمي لهيئة الهلال الأحمر بمنطقة عسير، أحمد إبراهيم، أن 11 فرقة إسعافية تابعة للهيئة باشرت الموقع وجرت معالجة عدد من الحالات في موقع الحدث، فضلا عن نقل حالات أخرى إلى المستشفيات المجاورة، وذلك بالتعاون والتنسيق مع الجهات الأخرى.
تدخل "الأمر بالمعروف"
وأوضح مدير الشؤون الميدانية، المتحدث الرسمي لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المنطقة، الشيخ عوض الأسمري لـ "الوطن" أمس، أن 26 دورية، بها قرابة 50 عضو هيئة باشرت الموقع بعيد ورود بلاغ الجامعة، وعملت على توفير الأمن للطالبات وتسهيل الاتصال بذويهن، والتعاون مع بقية الجهات الأخرى لإنهاء المشكلة في وقت وجيز، لافتا إلى أنه تم عقد اجتماع ثنائي بين أعضاء الهيئة ومسؤولين في الجامعة تم خلاله وضع بعض الآليات التي من شأنها ضبط سلوك الطالبات داخل الكليات.
ونفى الأسمري تعرض أعضاء الهيئة لأي فتاة بأي أذى، مبينا أن حضور الهيئة أضفى نوعا من السكينة والهدوء، وقال إنه لم يتم دخول الهيئة إلى داخل أسوار الكلية إلا بعد إخلاء المبنى وانصراف الطالبات مع أولياء أمورهن ووسائل نقلهن كليا، وذلك بمشاركة مندوب مع الجهات الرسمية المعنية بالحادث، موضحا أن اللجنة مارست مهامها التفقدية للموقع بعد انتهاء الدوام الرسمي للطالبات.
أمير عسير يشكل لجنة عليا للتحقيق
أبها: زايد الأسمري
وجه أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز، بتشكيل لجنة عليا للتحقيق فيما حدث داخل فناء المجمع الأكاديمي لكليتي التربية والآداب بأبها صباح أمس، وإفادته عاجلا. وأكد أمير عسير في تصريح صحفي أمس، أنه حرصا منه على سلامة جميع منسوبات المجمع من طالبات وهيئة إدارية وتعليمية، جرى تشكيل هذه اللجنة والمكونة من عدد من الجهات ذات العلاقة لبحث وتقصي كافة تفاصيل الموضوع والأسباب التي أدت إلى ذلك ومعالجتها وفقا لما تقتضيه المصلحة العامة.
شهادات طلابية
أبها: صالح السريعي
- أكد عدد من طلاب وطالبات جامعة الملك خالد بأبها أنهم استبشروا خيرا عندما أعلن عن إنشاء المدينة الجامعية عام 1419 لخدمة أبناء وبنات منطقة عسير، والتي اعتبرت حينها كأكبر المدن الجامعية بعد مخاض سنين من الحلم.
- الطلاب، الذين تحتفظ "الوطن" بأسمائهم، أشاروا إلى أنه وبعد مرور 15 عاما على التدشين لم يتحقق من الحلم إلا أشياء بسيطة.
- البعض أكد أن أحداث الأمس أعادت فتح القضية على مصراعيها لمراجعة أمور الجامعة، ومن المسؤول عن كثرة المباني المؤقتة التي غابت عنها البيئة العلمية المتميزة.
- شكا الطلاب والطالبات من عدم سماع آرائهم وكذلك عدم وجود لجنة أو فريق لحصر مطالبهم وتحقيقها.
- دعوات انطلقت لضرورة التحقيق بنزاهة في الموضوع ومحاسبة المتسبب في الأحداث، سواء كانت الطالبات أم غيرهن.
ارتباك الجامعة.. بيانان في 12 ساعة
أصدرت جامعة الملك خالد بيانين خلال 12 ساعه، عن أحداث الطالبات بكليتي التربية والادآب حيث أوضحت في تصريح لمدير العلاقات والإعلام الجامعي الدكتور عوض القرني، أن ما حدث أول من أمس تجمع لعدد من طالبات كليتي التربية والآداب في أبها داخل فناء المجمع الأكاديمي، مصدرات أصواتا عالية وسلوكيات تخرج عن النظام المتبع داخل المجمع، ثم تطورت الحالة إلى التهجم على مشرفات الأمن والإداريات وأعضاء هيئة التدريس، مدعيات بأن لهن مطالبات لم تحقق ومتوعدات بمعاودة الكرة مرة أخرى. وأوضح أن الجامعة اتخذت احتياطياتها اللازمة، لذلك كما تم إبلاغ الجهات المختصة، نظراً لأهمية الموقف، وحرصاً على سلامة جميع منسوبات المجمع من طالبات وهيئة إدارية وتعليمية. وفي صباح أمس بدأ التجمع والاحتجاج نتيجة لاستدعاء بعض الطالبات من قبل إدارة الكلية لبحث مطالبهن ومناقشتها معهن، ثم تطور ذلك إلى انتشار الفوضى والعبث بالممتلكات العامة واستخدام طفايات الحريق وخراطيم المياه على الطالبات الأخريات، مما أدى إلى حدوث بعض الإغماءات التي تم إسعافها على الفور، وقد اتخذت الجامعة، وبمشاركة الجهات المختصة، كافة الإجراءات الأمنية التي تحافظ على سلامة الطالبات حتى تم إخلاء المجمع بالكامل.
وأضاف القرني أن الجامعة ستقوم بتقصي كافة الأسباب التي أدت إلى ذلك ومعالجتها، وفقاً لما تقتضيه المصلحة العامة، معتبرا أن ما حدث من القلة لا يمثل سلوك طالبات الجامعة على وجه العموم.
وكانت الجامعة قد اصدرت بيانا أول من أمس اتهمت فيه أحد أولياء الطالبات بأنه سبب المشكلة حيث تحدث البيان تعليقا على أحداث اليوم الأول، أن إدارة الجامعة تواصلت مع الجهات المعنية في الكلية لبحث أسباب تجمع الطالبات، الذي اتضح أنه بسبب بقايا النفايات التي يقوم بجمعها عمال النظافة في مساء كل يوم، بترتيب وتنسيق من مسؤولي الأمن والسلامة بالكلية، وقد دأبت الكلية على استقبال طالبات الثانوية المتقدمات للتسجيل في اختبار القياس، بحيث لا يتعارض ذلك مع أعمال النظافة، ولكن بذرة المشكلة نشأت من تهجم أحد أولياء أمور طالبات القياس على الأمن والسلامة وعلى عمال النظافة وطردهم – تحت التهديد- مع أن الكلية قد وضعت آلية لتنظيف العمال في المباني التي لا يوجد بها أحد، وتحت التهديد هرب عمال النظافة، وأدى ذلك لتراكم النفايات، وزاد من تفاقم الوضع أن عددًا من الطالبات تجمهرن على أثر ذلك -رغم معالجة الوضع مع شركة النظافة كالمعتاد- وقمن بخلق حالة من الفوضى وعلى أثره تم فتح الأبواب للطالبات للانصراف إلى الحافلات، بعد التنسيق بين الكلية والجهات المعنية في الجامعة، واستمرت حالة الفوضى بين الطالبات قبل انصرافهن تمامًا إلى منازلهن.
وأضاف القرني: أن أبواب الجامعة مفتوحة لتلقي شكاوى الطالبات واقتراحاتهن، وأن مثل هذه الفوضى لا تخدم العملية التعليمية، ولا تعبر عما تعيشه بلادنا الغالية من سكينة وأمان، ولا تعكس ما ينبغي أن تكون عليه الطالبة الجامعية من وعي ومسؤولية، ولا سيما أنها نشأت في بيئة مدركة، وتربّت تربية صالحة واعية.
إلى ذلك علمت "الوطن" أن مسؤولي الجامعة عقدوا أمس اجتماعا مطولا لبحث الوضع داخل الكلية، وبما يحقق عدم تكرار مثل تلك الأعمال.
شركة النظافة: لسنا المشغلين لكليتي الآداب والتربية
نفى مدير مشاريع شركة علي حاسن الغامدي المهندس عبدالله شعير، في تصريح صحفي أمس، أن تكون الشركة هي المشغلة لكليتي الآداب والتربية، مشيرا إلى أن الشركة تخلي مسؤوليتها من الأحداث الأخيرة في تدني مستوى النظافة.
وأشار شعير إلى أن الشركة تعمل في مقر الجامعة بالقريقر وبعض الكليات الأخرى وتلتزم بالمهنية العالية والعمل الاحترافي في أداء أعمالها بالمستوى اللائق بالجامعة وتستخدم الكفاءات المدربة في نظافة وتشغيل وصيانة الكليات التابعة لها وفق المواصفات والاشتراطات التعاقدية مع الجامعة.
تويتر.. المغردون غاضبون
أبها: بندر خليل
تفاعل المغردون كعادتهم على نحو استثنائي مع حادثة جامعة الملك خالد (كلية البنات الأدبية). وشهدت الوسوم "الهاشتاغ" المخصصة بهذا الحدث، العديد من الآراء وشهادات العيان، إضافة إلى بعض التعليقات التي لم تخلُ من السخرية.
كما استعاد المغردون كل ما يمكن الحديث حوله بخصوص نقص الخدمات وضعفها في كليات البنات ومدارسهن، في مناطق المملكة.
تغريدات تويتر، وإن كانت غير معتمدة للحكم على حدث ما، نظرا لما يمكن أن تحمله من وجهات نظر شخصية، ومبالغات وربما افتراءات، لكنها بالعموم، تساعد الباحثين عن الحقيقة في إمساك بعض خيوطها.
وانتشرت في الوسوم المخصصة بجامعة الملك خالد، صور لنفايات تتراكم في فناء كلية البنات، وأخرى لمستنقعات، قيل إنها "مياه الصرف الصحي التي لم تجد مخرجا هندسيا مناسبا ففاضت فوق أرضيات الكلية".
وكما انتشرت الانتقادات "اللاذعة" للجامعة على ما حدث، كان هناك من يطرحون بعض الاقتراحات التي "يرونها منطقية" لتفادي ذلك مستقبلا، ومنها: "إن إرسال عربات لنقل القمامة من الجامعة أقل تكلفة من إرسال سيارات إسعاف لنقل المصابات من بنات الوطن".
في حين أشار البعض إلى المفارقة في كون ما حدث يأتي مزامنا لليوم العالمي للمرأة "8 مارس"، فيما تنبأ آخرون بأن تجمهر الطالبات، سيكون فاصلة في تاريخ جامعة الملك خالد.
كما لم تخلُ التغريدات حول هذا الحدث من المطالبات بإقالة مسؤولين في الجامعة، إن لم يستقيلوا.