قيمة الوعاء الزكوي الصافي للعالم الإسلامي في العام الماضي تقدر بحوالي 13 تريليون دولار أمريكي، تعادل قيمة التجارة العالمية بين جميع دول المعمورة في عام واحد، وتقترب من الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا.
بالمقابل فاقت قيمة الوعاء الزكوي لثروة "بيل جيت"، مؤسس شركة "مايكروسوفت" 52 مليار دولار، وتلتها ثروة صديقه الحميم "وارين بافيت"، التي تقدر بحدود 46 مليار دولار.
في مفاجأة غير مسبوقة أثارت دهشة المؤسسات الاقتصادية في العالم، أعلن هذان الصديقان الحميمان بأنهما قررا التبرع بأكثر من نصف ثروتيهما لأعمال الخير والتفرغ لإدارة مؤسساتهما الخيرية. وسيذهب الجزء الأكبر من هذا التبرع لتحسين أوضاع الصحة والتعليم في الدول الفقيرة، بينما سيذهب الباقي لدعم مؤسسة "بيل جيت" الخيرية لتصبح أكبر وأكثر المؤسسات الخيرية نفوذاً في العالم.
تصوروا العوائد الصافية التي قد تجنيها شعوب العالم الإسلامي لو قام أثرياؤه بدفع الزكاة في مواعيدها وتطويع ثرواتهم لأعمال الخير مثل ما قام به كل من "بيل جيت" وصديقه "وارين بافيت".
دول العالم الإسلامي التي وصل عددها إلى 56 دولة تتوزع على أربع قارات، منها 26 دولة في أفريقيا و27 دولة في آسيا ودولتان في أمريكا الجنوبية هما: سورينام وغويانا، ودولة واحدة فقط في أوروبا هي ألبانيا. يبلغ عدد المسلمين في العالم حوالي 2 مليار مسلم، منهم 70% يقطنون العالم الإسلامي والباقي في دول العالم الأخرى.
في العام الماضي ارتفع الناتج المحلي الإجمالي في العالم الإسلامي إلى حوالي 5 تريليونات من الدولارات، حيث بلغت حصة القطاع الزراعي منه 24% والصناعي 30% والخدمات 46%، بينما لا يتجاوز معدل الإنفاق على التعليم نسبة 4% من هذا الناتج مما أدى إلى انخفاض نسبة التعليم بين المسلمين إلى 64%، وارتفاع نسبة الفقر إلى 37%.
وفي العالم الإسلامي بلغ عدد العاملين حوالي 395 مليوناً، تعادل 29% من إجمالي السكان، بينما تصل نسبة البطالة فيه إلى 19%، وذلك في الوقت الذي ارتفعت قيمة تجارة العالم الإسلامي من واردات وصادرات إلى 1200 مليار دولار أمريكي.
تصوروا لو أحسن العالم الإسلامي استخدام موارده الطبيعية من نفط وغاز ومعادن ومياه وغابات وحقول زراعية، حيث يحتوي العالم الإسلامي على 67% من ثروات الأرض، ويمتلك 63% من إجمالي الاحتياطي العالمي للنفط، و8% من الغاز الطبيعي، و16% من حقول المراعي، و11% من إجمالي الثروة الخشبية، و24% من المنجنيز، و56% من القصدير، و23% من الحديد والألمنيوم، و41% من النحاس، و15% من القمح، و80% من المطاط، و43% من القطن، و93% من التمور، ومع ذلك ما زالت الشعوب الإسلامية من أكثر دول العالم اعتماداً على الدواء المستورد، والمعدات والأجهزة الأجنبية والمواد الاستهلاكية والأساسية المستوردة.
تصوروا لو أحسنا استخدام المياه المتوفرة بغزارة في عالمنا الإسلامي الذي يتمتع بأطول وأهم الأنهار في الكرة الأرضية، والتي فاقت أطوالها 24 ألف كيلومتر، مثل النيل (6695 كيلومترا) والنيجر (4700 كيلومتر) والسند (2900 كيلومتر) والفرات (2736 كيلومترا) وزمبيري (2700 كيلومتر) ودجلة (1835 كيلومترا) والسنغال (1700 كيلومتر).
تصوروا لو أحسنا الاستفادة من مياه البحيرات في العالم الإسلامي الذي يضم أكبر بحيرات المياه العذبة على وجه الأرض مثل بحيرة قزوين (500 ألف كيلومتر مربع) وبحيرة فكتوريا (83 ألف كيلومتر مربع) وبحيرة أرال (63 ألف كيلومتر مربع) وبحيرة تشاد (16 ألف كيلومتر مربع)، ومع ذلك ما زال العالم الإسلامي من أكثر الدول اعتماداً على المياه المحلاة في العالم وأكثرها اعتماداً على الغذاء المستورد، حيث لا تزيد مساحة أراضيه الزراعية عن 11% من مساحته الكلية، كما لا تزيد حصة الزراعة في ناتجه المحلي الإجمالي عن 14% في المتوسط، وهي من أقل النسب المتعارف عليها بين دول العالم.
تصوروا لو استخدمنا فريضة الزكاة في مكانها ولو قام أثرياؤنا بتوفير حصة متواضعة من ثرواتهم للتغلب على أزمات التنمية في العالم الإسلامي. وما زلنا جميعاً نبحث عن "بيل جيت" مسلم أو "وارين بافيت" عربي، يسعون في الأرض لتوزيع خيراتهم على شعوبهم ويتبرعون بنصف ممتلكاتهم لدفع عجلة التنمية في العالم الإسلامي.