ظهر في الآونة الأخيرة نشاط ملحوظ للمرأة السعودية.. وهو نشاط كبير يتجه نحو المطالبة بالحقوق التي ترى المرأة السعودية أنها من حقها، وتشارك الرجل في وظائف ومناصب كان استأثر بها وحده، وظهر تطور كبير في النظرة للمرأة في السعودية من قبل النظام السعودي الذي يشهد تغييرات كبيرة لمواكبة العصر الحديث المتغيّر؛ فقد تم التخلي عن الأنظمة القديمة التي كانت تشكل عقبة كبيرة أمام المرأة. وفي هذا الحراك النسائي السعودي يظل المراقب يتأمل مدى ما تصل إليه المرأة؛ فقد وصلت إلى مناصب كبيرة، واستطاعت احتلال كثير من مقاعد الرجال التي كانت حكرًا عليهم.

مشكلة المجتمع السعودي والمرأة السعودية على الأخص أنها تناقش في قضايا صغيرة وتفاصيل دقيقة تبعدها عن أصل قضيتها، وهو تحررها من الأنظمة البيروقراطية التي تحد من حريتها. حرية المرأة تكمن في إمكانيّة التقاضي أمام القضاء والسماح لها بأن تكون محامية وترافع كما يرافع الرجل على حد سواء، وفي إعطائها حقوقها المشروعة من حق الميراث الذي تُحرم منه في بعض مناطق المملكة بشكل ظاهر. وتكمن حرّية المرأة في التّعبير عن حقوقها بذاتها دون وسيط.

أصل قضية المرأة السعودية ليست في البحث عن مقعد متقدم في مركبة قد تعرضها لكثير من المشاكل، ولكن في تمكينها من حقوقها المسلوبة التي كفلها لها الشّرع الحنيف وضمنها لها. والمرأة كما الرجل لها مطلق الحرّية، لكنْ حين تتعدى المرأة على أشياء لا تخدم قضيتها، بل تسيء لها كامرأة مسلمة كالتّحرر من قِوامة الرّجل أو الوليّ أو محاولة القفز على حدود الشريعة؛ فذلك ما لا يخدم قضيتها أبدًا، وإنْ ظنت ذلك.

إن مجرد التقليد الأعمى للغرب في المطالبة بالحقوق دون وعي حضاري، حين تتحول المرأة والمدافعون عنها ـ زعموا ـ إلى مجرد بوق ينفخ فيه من شاء ما شاء. ليست المرأة وقضاياها سلعة تباع وتشترى في سوق الرقيق العام، وما أكثر تلك الأسواق التي تتاجر بالمرأة من حيثُ تدري ولا تدري.

متى كانت المرأة مظلومة في مجتمعنا السعودي العربي المسلم؟

صحيح أن هناك ألوانا من الظلم تتركز حول العنف والحرمان من بعض الحقوق، لكنّ حالها أفضل بكثير من حال كثير من النساء في العالم العربي والغربي، حيث تتحول المرأة إلى مجرد دمية صالحة للهو أحيانًا، وتارات كثيرة يتم الرمي بها وتجاهلها، أو مجرد صورة غلاف لدعاية رخيصة لفيلم جديد أو سلعة تجارية، لا أدل على ذلك من كثير من جمعيات حقوق الإنسان في الغرب، وبالأخص في أميركا التي تدعو إلى زمن (الحريم)، كما يُسمى.

يمكن لنا أن نلخص مشكلة المرأة السعودية في عدم وعيها بحقوقها، وعدم مطالبتها بها، وخاصة الاجتماعية والمالية، أما التركيز على مجرد قيادة مركبة، وجَعْلها قضيّة القضايا ونازلة النّوازل، والتقاتل حولها فهذا مؤشر على عدم الوعي بحقيقة الحقوق المسلوبة أو المنقوصة للمرأة في مجتمعنا. هناك كثير من ظلم الأزواج الذي يصل إلى العنف، وكثير من ظلم الآباء الذي يصل إلى العضل والحرمان من حقوقها المالية، خصوصًا المرأة العاملة، أو حقوقها في الميراث أو حق التقاضي.

هناك نساء حُرِمن من أعز شيء يمكن للمرأة أن تحصل عليه، ألا وهو حق الزواج؛ فكثير من الآباء يعضل ابنته أو حتى بناته طمعا في راتبها، مما أدى إلى نسبة عنوسة كبيرة في المجتمع السعودي، ونسبة بطالة يشترك فيها الصنفان: الذّكر والأنثى. لماذا لا يتم التركيز على هذه القضايا الأساسية، وإشغال المجتمع بأمور هامشية كقيادة المركبة أو كشف الوجه؟.. قد يكون التّركيز على القضايا الهامشية للمرأة مقصودًا لإشغالها عن المطالبة بحقوقها الأساسية، عندها تخسر قضيتها، وتبقى مجرد بوح في الهواء لا قيمة له على مستوى التغيير الواقعي.