ما أسفر عنه الاجتماع التحضيري الأول للقمة الثقافية العربية التي توقع لها صاحب فكرتها الأمير خالد الفيصل أن تنعقد العام المقبل، يؤكد حجم المسؤولية التي ينبغي أن يضطلع بها المسؤولون عن الثقافة والفكر والتعليم في وطننا العربي الكبير.
ولا أعني بالمسؤولين هنا الرسميين من وزراء ورؤساء هيئات ثقافية وجمعيات فكرية وجهات علمية وتعليمية فحسب، بل أعني معهم الأثرياء العرب أياً كان مجال عملهم – اقتصاد – إعلام – سياسة – إلخ، ليسهموا بدور فاعل في تنمية الوطن العربي ثقافياً، ليس على سبيل الهبة أو المن، بل على سبيل الواجب الذي يحتم عليهم المشاركة في بناء مؤسسات المجتمع المدني، وخاصة تلك التي تعنى بالثقافة والفكر.
فالدور التنويري المناط بالمثقفين العرب للارتقاء بمجتمعاتهم وأوطانهم، يلزمه من المال ما يكفي لتحقيق مشاريع استراتيجية من شأنها أن تصنع لأمتنا العربية موضعاً يليق بتاريخها وحضارتها بين الأمم.
وفي عصر كالذي نحياه، لا تستمد الشعوب قوتها من السلاح العسكري فحسب، وإنما يظل السلاح الحضاري والفكري والثقافي هو الأمضى والأقوى لأي أمة تريد أن تعيش وأن تزدهر في شتى المجالات.
المسؤولية – إذن – عظيمة، والهدف أعظم، ولا يمكن أن نظل متقوقعين في حيز من التوصيات التي لا ترى النور، والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى. إننا في حاجة ماسة إلى رجال يتمتعون بتنفيذ التوصيات العربية في مختلف المحافل، أكثر من استمتاعهم وإبداء إعجابهم بقراءتها فحسب. وها نحن أمام توصيات اقترحها نخبة من المفكرين والمثقفين والإعلاميين والمسؤولين على مستوى العالم العربي، عبر مؤسسة الفكر العربي (اقرأ كامل التوصيات ص 35)، إذا تم تنفيذها، فسيشهد العالم العربي نقلة نوعية لم يشهدها من قبل في مجالات شديدة الحيوية. دور المفكر والمثقف والأديب والإعلامي ربما يتوقف عند القراءة والبحث والتمحيص وإفراز أفضل السبل للارتقاء بوطنه، وهو ما حدث الآن تماماً من خلال الجهد الكبير الذي نتج عنه هذه الرؤى التي اشتملت عليها توصيات اللقاء التحضيري الأول للقمة الثقافية العربية المرتقبة، ولكن دور القادرين على تنفيذ هذه الرؤى والطروحات والمقترحات التي لا تخدم سوى صالح الأمة العربية كلها، لا يمكن أن يتوقف عند القراءة والإشادة والإعجاب، نريد حراكاً فاعلاً على مستوى التنفيذ، فهل نشهد بوادر ذلك في مقبل الأيام؟!.
[email protected]