أعلنت قطر عن جائزة سخية بمبلغ 175 ألف ريال قطري، من مركز البحوث والدراسات، لجائزة الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، حول موضوع "فقه السنن الإلهية ودورها في البناء الحضاري" والمفروض أن ينتهي موعد تقديم الأبحاث في جون من عام 2010م.
وخطة الجائزة تتناول التعريف بالسنن وعلاقتها بأمانة التكليف والاستخلاف الإنساني وإقامة العمران، أما المحاور فتوزعت على خمس؛ دور القرآن في بناء الوعي بالسنن الإلهية، وأسباب غياب الوعي بهذه السنن، وأثره في تخلف المسلمين، وجدلية القدر والحرية والمفاهيم المعوجة عن التدين المغشوش، والمحور الثالث حول فاعلية السنن في مجال الكشف العلمي، وقوانين العلم، وخصائص وصفات المادة؛ أي البحث في مجال سنن الآفاق.
أما المحور الرابع فهو حول التكليف الإلهي باكتشاف هذه السنن وامتلاك القدرة على تسخيرها لتغيير ما بالأنفس ومغالبة قدر بقدر.
وفي نهاية الأبحاث يأتي المحور الخامس حول سبل استرداد الفاعلية وبناء الوعي بالمنهج السنني.
هذا التوجه أعتبره طيبا سواء جاءت جائزة حوله أو لا؟ بسبب تمحور الوعي حول فهم بناء الكون فممّ بني الكون؟ وأين القوانين أو بكلمة أدق السنن؟ وبكلمة أكثر إيمانا سنة الله في خلقه؟ فهذا المفهوم قرآني مكرر ومؤكد، أن سنن الله لا تتحول ولا تتبدل، سنة الله في خلقه وهلك هنالك المبطلون.
وتأسيس الوعي الإسلامي على هذا النحو يشكل موقفا مهما لفهم العالم والتاريخ، بل والدخول إلى سلوك الإنسان بالذات، وهل أن سلوك الإنسان خاضع لقوانين نوعية، يمكن بواسطته التحكم بالإنسان على كيفية ومقدار بما فيها الوعي والحرية الإنسانية، كما كان يلوح بذلك عالم الاجتماع الفرنسي جان جاك روسو حين كان يتحدث عن قانون القابلة المولدة، فهي تحث الأم على الضغط والحزق لإنزال الوليد ولكن من يقوم بالفعل هي الأم الولود.
ويقال نفس الشيء عن سقراط التي كانت أمه أو زوجته قابلة في بلاد اليونان، فكان يحاور تلاميذه موجها أنظارهم إلى توليد الحلول من عند أنفسهم. وبذلك يكون التحريض منه، ولكن الفعل وتوليد الأفكار من عندهم، بكلمة أخرى هو ينشط الدماغ بوافر الأسئلة، وهم يعملون عقولهم ويبحثون عن الأجوبة وتوليد المعاني الجديدة.
وأن ينتبه مركز البحوث والدراسات في قطر إلى هذا المعنى، فيخصص جائزة كبيرة لذلك هو أمر مهم وملفت للنظر وجدير بالمتابعة، لفهم إلى أين يصل قدر العالم الإسلامي.
إن مفهوم القانون أو السنة وفقه السنن الإلهية ليس بالأمر السهل، ولكنه يساعد في بناء نسق عقلي جديد، في فهم ظواهر الكون وكيف تحدث..
ومثلا فأنا حين دعيت لقناة دليل لمناقشة بركان آيسلندا أوالظواهر الطبيعية عموما من بركان وزلزال وطوفان وتسونامي، بل واستفحال الجريمة في مكان، والكآبة في موضع آخر، كله يخضع لقوانين فيزيائية كيماوية جيولوجية وهي من سنن الله في هذا الكون، بل يمكن فهم استفحال مرض الشذوذ الجنسي في مجتمع لوط تحت هذا الضوء، وكيف تم تدميره ببركان جعل الأرض عاليها سافلها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود.
وبفهم الكون أنه يقوم على سنن الله، يجعل موقفنا من التعامل مع هذه السنن على نحو مختلف، فلم تعد غموضا وضبابا، بل عادت وضوحا وتمكنا من تسخيرها، وخلاصا من تدميرها، بل وقلبها لصالحنا.