حسنا فعل حزب الله اللبناني أمس وهو يعلن أن لا علاقة له بسفينة مريم أو أي سفن أخرى تبحر صوب غزة على طريقة أسطول الحرية. لقد أغلق الحزب بإعلانه هذا الباب الذي فتحه مجتهدون عن رفضه لصعود هيفاء وهبي على ظهر السفينة.. هذا عن الحزب، أما عن هيفاء, فنقول وعلى الله العوض, إنه لا مانع من صعود هيفاء على ظهر الأسطول إذا التزمت بعدة شروط، أهمها أن تثبت للناس بالفعل أنها فنانة لا تعتمد على جسدها فيما تقدمه, وأن تنتقي كلمات أغانيها ـ إن كانت تغني ـ بحيث نقول للعالم كله إن هيفاء وهبي تمثل الفن العربي والفنانين العرب.
ولأن ذلك لم يحدث ولن يحدث في حالة هيفاء, فلتكتفِ بالصعود على ظهر الدبابات في مطار رياق العسكري في لبنان لتغني "حاسة فيه حاجة بينا", أو صعود المراجيح أو الأرجوحات في اللونا بارك المصرية لتقديم إحدى تجارب القرن.
لقد انشغل البعض بمسألة المشاركات القومية الوهمية المتواصلة لهيفاء وهبي ونسوا قصة الشهيدة البطلة "كنزة" المغربية.. وكنزة لمن لا يعرفها فتاة مسلمة هاجرت مع أهلها إلى بلجيكا, وهناك تعرض والدها ووالدتها للقتل على يد جار عنصري, ارتكب جريمته قبل أن ينتحر, ومازالت القضية تراوح مكانها.
إن قصة كنزة التي آثرت المشاركة في ملحمة أسطول الحرية تعبيرا عن رفض البشرية لداء العنصرية تستحق فيلما سينمائيا عالميا سيفوق في صدقه وروعته بالتأكيد قصة "تايتانيك".
لقد كانت تجربة أسطول الحرية فرصة ثمينة أمام الكتاب والسينارست وغيرهم من مؤلفي الدراما العربية التفلزيونية والسينمائية والمسرحية, لكننا لم نر، وأظن أننا لن نري عملا فنيا يليق بهذا العمل الإنساني العظيم..
لقد كان على ظهر سفن الأسطول كتاب وصحفيون، وهؤلاء مدعوون جميعا لكتابة أجمل وأنبل القصص عما شاهدوه طوال الرحلة الخالدة وأثناء القنص الإسرائيلي المتوحش.. إنهم مدعوون لكتابة نصوص غاية في الروعة يمكن من خلالها تقديم أروع المسلسلات والأفلام والمسرحيات, وفي مقدمتها بالتأكيد قصة زهرة مغربية مهاجرة اسمها "كنزة".