يبدو أن فساد الذمم المالية وشراء العقود لا يقتصر على الدول المبتلية بالحروب والنزاعات الداخلية كالعراق وأفغانستان وبنجلاديش والصومال فقط، وإنما يمتد ليشمل دولا أخرى مستقرة وعريقة.
من ذلك ما صرح به الدكتور علي الدين هلال وهو مفكر وقيادي بارز في الحزب الوطني الديموقراطي في مصر عن ضرورة مراجعة الأصول المملوكة للسادة الوزراء. لقد بات من الضروري التفرقة بين أصول الوزراء وأصول البلد .. بين أراضي الوزراء وأراضي البلد.. بين صحة الوزراء وصحة البلد.. بين محاصيل الوزراء ومحاصيل البلد.
ومن الواضح أن بعض المسؤولين يتصرفون في ضوء أنشودة "هذه أرضي أنا" فأرض البلد كلها أرضي أشتري وأبيع فيها كما أشاء، ومالها مالي، ومصانعها مصانعي، وعمالها عمالي أفصلهم أو أرقيهم أو أنيمهم على الرصيف وهكذا..زراعتها هي زراعتي، ورياضتها هي رياضتي، وسمعتها هي سمعتي وأنا حر فيها.
لقد آن لشيوخ مصر من أمثال علي الدين هلال، وصفوت الشريف، وزكريا عزمي، وفتحي سرور، وغيرهم الكثير ممن لا يشتبكون أو يشاركون البلد في أرض أو صحة أو زراعة أو سياحة أن يفضوا هذا التزاوج المخيف بين أموال المسؤولين وأموال البلد، بين مستشفياتهم ومستشفيات البلد، بين زراعتهم وزراعة البلد، وبين سياحتهم وسياحة البلد.
لابد من تدخل حاسم لفض هذه الشراكة العجيبة بعد أن ثبت فشل الجمع بين إدارة الأموال الخاصة وإدارة الأموال العامة.. بين إدارة العمال في مصنعي الخاص وإدارة عمال البلد.. لابد من الإقدام على هذه الخطوة بلا تردد حتى لا يشك الناس في السبب الحقيقي وراء فرض الضرائب، ووراء بيع الشركات والمصانع، الذي وصفه زكريا عزمي بالكارثة.