تشهد المملكة العربية السعودية في عهد ملك الإنسانية الملك عبدالله بن عبدالعزيز نهضة تنموية في مختلف المجالات، وخلال السنوات الماضية تمت ترسية العديد من المشروعات التنموية على عدد من الشركات، والمؤسسات لتنفيذها حسب المواصفات، والشروط المحددة لكل مشروع، وفي وقت زمني محدد. وتشمل هذه المشروعات المستشفيات، والمدارس، ومباني الكليات بمختلف تصنيفاتها، كذلك تشمل هذه المشروعات الطرق، والأنفاق، والجسور، وغيرها من المشروعات الحيوية الأخرى.
ويتم تخصيص مبالغ كبيرة من الميزانية لتنفيذ هذه المشروعات حسب المواصفات المحددة، وفي الوقت المحدد، وفي الغالب يتم تحديد مدة تنفيذ المشروع في سنة، أو 18 شهرا، أو 24 شهرا، أو 30 شهرا، أو 36 شهرا، أو 42 شهرا، وقد تصل مدة تنفيذ بعض المشاريع الكبيرة إلى 48 شهرا، وهنا لا أعلم على أي أساس علمي تم تحديد هذه الأوقات لتنفيذ مشروعاتنا التنموية، هل السنة، ومضاعفاتها كُتبت على مشروعاتنا دون غيرنا؟ فهناك مشروعات حيوية وكبيرة في بعض الدول المجاورة لا يتطلب تنفيذها أكثر من أشهر قليلة، وعندنا يتم تخصيص سنوات لتنفيذها، ويا ليت أن تنفيذها يتم على الوجه المطلوب، وفي الوقت المحدد، وما يتم فعلاً هو أن التنفيذ يتطلب وقتاً أطول من الوقت المحدد بالإضافة إلى أن مستوى وجودة التنفيذ أقل بكثير من الحد الأدنى المقبول، وكثير من هذه المشروعات تحتاج إلى صيانة قبل أن يتم تسليمها إلى الجهة المستفيدة!
وهنا قد يكون من المناسب أن نتعرف على بعض الأسباب التي قد تكون وراء تأخر تنفيذ هذه المشروعات، وتدني مستوى جودتها، والسبب الرئيس في هذا المجال هو ترسية بعض هذه المشروعات على شركات، أو مؤسسات غير مؤهلة، وغير قادرة على إنجاز العمل في الوقت المحدد، وهذه المؤسسات تنقصها الإمكانات المادية، والبشرية، والخبرة التي تؤهلها لتنفيذ مثل هذه المشروعات، أما العامل الآخر فيتمثل في توجه بعض هذه المؤسسات، أو الشركات إلى تنفيذ العمل، أو أجزاء منه من خلال عقود من الباطن بهدف التوفير، والانتهاء من العمل بأقل تكلفة، وأعلى نسبة ربح، ولنا أن نتخيل مستوى الإنجاز، وجودته عندما يوكل تنفيذ العمل لمقاول الباطن، والأمثلة على ذلك في مشروعاتنا كثيرة. والسبب الرئيس الآخر في هذا المجال هو بيروقراطية النظام المتعلق بالمشاريع، وترسيتها على الجهات المنفذة فيتم ترسية العرض في أغلب الأوقات على المؤسسة، أو الشركة ذات العرض الأقل، ومن ثم لنا أن نتوقع كيف يكون مستوى المنتج، أو المنجز في ضوء هذه المعطيات.
العائق الآخر الذي قد يواجه تنفيذ هذه المشروعات هو تواجد بعض الخدمات داخل محيط المشروعات الجديدة مثل خطوط الكهرباء، أو الهاتف، أو الصرف الصحي، أو الماء، أو غيرها من الخدمات، وعند المطالبة بتعاون هذه الجهات مع المؤسسات، أو الشركات المنفذة لإزالة ما قد يعترض تنفيذ هذه المشروعات تماطل هذه الجهات، وتأخذ زمنا طويلا جداً لعمل المطلوب، وكأن الموضوع لا يتعلق بمشروع حيوي للوطن.
ومتابعة هذه المشروعات من قبل جهات الإشراف في الجهات المستفيدة من هذه المشروعات غائبة، ولم أجد يوما متابعة دقيقة من إدارات المتابعة المسؤولة عن هذه المشروعات، وهنا أرى أن يكون هناك متابعة دقيقة، ومباشرة لهذه المشروعات الحيوية، ويتم رفض استلام المشروع إذا لم تلتزم الجهة المنفذة بالمواصفات، والشروط، وما نلحظه في كثير من مشروعاتنا أنه يتم استلامها في المكاتب بدون الوقوف على مراحل تنفيذ المشروع المختلفة، ولو تمت عملية التسليم للمشروع من المقاول المنفذ على أرض الواقع لربما رُفض استلامه لكثرة عيوبه، ولعدم توافر الحد الأدنى من الجودة المطلوبة، والمتفق عليها. وعند الحديث عن معاقبة المقاول الذي يتعمد تأخير تنفيذ هذه المشروعات، فليس هناك عقاب رادع لهؤلاء، ولم أسمع يوما ما بمعاقبة، أو التشهير بهذه النوعية من المقاولين الذين يسهمون في عدم تحقيق الخطط التنموية كما هو مخطط لها، ولا بد من إيجاد نظام يضمن للمقاول حقه، ولمشروعاتنا الحيوية الإنجاز في الزمن المحدد، وبمستوى عال من الجودة، والإتقان.