تشير الأرقام والإحصاءات الرسمية حول حوادث السيارات وضحاياها في المملكة، إلى حقائق خطيرة تشكل مؤشرا على ما يتهدد سلامة المواطن السعودي وأمنه، ويهدد الاقتصاد الوطني، على نحو يمثل "نزيفا" مستمرا للبشر، ولقدرات الوطن وإمكاناته وثرواته المالية، وإهدارا لمقوماته الاقتصادية والمادية.
وتذكر آخر الإحصاءات أن نتائج نزيف الدم والبشر تقدر بـ 18 حالة وفاة يوميا، إذ تقع حالة وفاة كل 90 دقيقة، بينما تبلغ الخسائر المادية للمملكة 13 مليار ريال سنويا، نتيجة لـ 9 ملايين مخالفة "مرورية" في السنة.
أما الإعاقات والإصابات الخطيرة التي تنتج عن هذه المخالفات المرورية فتقدر بإعاقة أو إصابة كل 15دقيقة، أي أن الساعة الواحدة يوميا تشهد إضافة 4 إعاقات إلى "دفتر أحوال" المعاقين في هذا البلد الذي تعد ثروته البشرية أهم ثرواته على الإطلاق.
أما الأرقام التي ذكرها تقرير نظام ساهر المروري، عن عدد الحوادث المرورية، فهي أرقام خطيرة، مخيفة، مزعجة، وتدعو إلى القلق الشديد، من تداعيات حوادث السيارات وتأثيراتها السلبية الخطيرة على ثروتنا البشرية والمادية معا، إذ بلغ عدد الحوادث 485 ألفا و931 حادثا مروريا في عام 1429 ، وبلغ عدد الوفيات الناجمة عنها في نفس العام 6458 حالة وفاة، بما يعني أن كل ألف حادث، يروح ضحية لها 13 مواطنا أو مقيما، ومواطنة أو مقيمة.
وبقدر ما أصبح السؤال حول ظاهرة حوادث السيارات، الأسباب والعلاج ملحا، على الرغم من أنه مكرر، بقدر ما أصبح التفكير في وسائل عملية توقف هذا النزيف ـ الذي تتعرض له ثروات الوطن وموارده البشرية والمادية ـ أكثر إلحاحا، في ضوء الاتجاه المتزايد إلى شراء واقتناء السيارات، الأمر الذي يطرح علامة استفهام حقيقية بشأن معرفة قائدي السيارات بأصول القيادة الآمنة، والتوعية اللازمة بوسائل الأمن والسلامة التي لا يجب أن يتعلمها أصحاب السيارات فحسب، بل يجب أن يتعلموا كيف يمارسونها عمليا في سلوكهم اليومي.
السؤال الأهم والأكثر إلحاحا هنا هو: كيف يمكن أن تساهم البنوك، وشركات السيارات، وشركات التقسيط التي تلعب دورا كبيرا في إغراء الشارع ـ يوميا ومن خلال الحملات الإعلانية التي تطارد المواطنين صباح مساء ـ باقتناء السيارات، في حملات التوعية التي تنظمها بعض الجهات المعنية للحد من حوادث السيارات، وعلى رأسها مديريات المرور؟
وكيف يمكن لهذه البنوك والشركات أن تقوم بدور ملموس في التخفيف من الآثار السلبية الناجمة عن الحوادث؟ وكيف يمكن لها أن تقلل من عدد هذه الحوادث، وعدد الضحايا الذين يفقدهم الوطن، ويفقدون حياتهم في مثل هذه الحوادث "العبثية"؟