لا ينزعج سعود النفيعي - وهو موظف بسيط في أحد القطاعات الحكومية لا يتجاوز مؤهله المتوسطة – من منصب زوجته التربوي المرموق، بل إنه يردد دائما "وراء كل امرأة عظيمة رجل" ، وأنه وقف بجانب زوجته التي تزوجها وهي طالبة في المرحلة الثانوية، حتى أنهت دراستها الجامعية وتعينت في سلك التعليم وواصلت تعليمها لتحصل على درجة الماجستير وهي الآن تعمل مديرة لأحد المجمعات التعليمية.
وأشار النفيعي إلى أنه يفتخر بأن زوجته مسؤولة تربوية تدير مجمعا تعليميا به أكثر من 600 طالبة، و50 معلمة، مشيرا إلى أن كثيرا من أصدقائه وزملائه في العمل يلجؤون له طالبين منه التوسط لدى زوجته في قبول بناتهم بالمدرسة، أو حتى بعض أزواج المعلمات الذين يتوسطون لزوجاتهم لدى المديرة عن طريق زوجها.
وقال النفيعي إن زوجته تقبل دائما وساطته في حدود النظام، ولا يمكن أن تتجاوز الأنظمة من أجل زوجها ، وذكر أنه لا يجد إشكالا في التفاهم مع زوجته التي يفرق بينهما المستوى الوظيفي والعلمي والوصول معها إلى لغة حوار، مشيرا إلى أنه لم يتزوجها إلا لرابط القرابة ولم يكن يعتقد أنها ستصل إلى هذه الدرجة الوظيفية .
وذكر أنه دائما يسمع تعليقات أصدقائه وأقاربه بأنه رجل محظوظ كونه وفق في الحصول على زوجة تحتل مرتبة وظيفية، وأن شخصية زوجته القوية أمام من يعمل معها يجعله في حرج أمام زملائه الذين يعتقدون أنها بذات الشخصية حتى في المنزل، مشيرا إلى أن زوجته في المنزل تتحول إلى كائن آخر لطيف.
ويقول "مصطفى أحمد (ميكانيكي سيارات) إن زوجته تعمل طبيبة، وتحمل شهادة عالية وهو لا يتجاوز تعليمه المرحلة الابتدائية ، وذكر أنه كثيرا ما تقع بينه وبين زوجته مشاكل حول العمل وحول مركزها المرموق في المجتمع، مضيفا أنه على الرغم من أن زوجته لم تقصر يوما في واجباتها إلا أنه يراها أفضل منه مركزا اجتماعيا وماديا .
وأشار إلى أن حياته مع زوجته قاربت على 10 سنوات من الزواج، ومع ذلك لا يزال يشعر بالدونية، كونها تحتل منصبا كبيرا، ولها اسمها في المجتمع، وذكر أنه يتحرج من أصدقائه الذين يعلمون بمكانة زوجته وعملها، ولا يفضل أن يتحدث مع أي شخص في عمل زوجته وعمله .
وقالت آشي ليدو وهي فلبينية تعمل استشارية أشعة بأحد المستشفيات الخاصة إن زوجها يعمل في بلده سائق أجرة، وقد استطاعت أن تحقق مركزا مرموقا في عملها بعد أن كانت تعمل كفنية في الأشعة، حيث كان يدفعها زوجها للدراسة وإكمال تخصصها ودراستها لتأخذ مكانا أفضل، وبينت أنها لم تشعر يوما أنها مضطهدة من قبل زوجها في وظيفتها أو في مالها، بل على العكس كان يدعمها ماديا ومعنويا.
أما "أبو سلطان " الذي يعمل حارس مدرسة بإحدى المدارس الابتدائية للبنات فذكر أنه متزوج من زوجته التي تعمل بنفس المدرسة كمستخدمة، وبعد فترة من الزمن حالفه الحظ وتزوج من مديرة المدرسة التي يعمل فيها.
وأضاف أنه يعيش حياة سعيدة، بل إنه شجع زوجته على أن تكمل دراستها للماجستير في تخصصها وهي الآن حاصلة على درجة الدكتوراة في علم النفس ، مشيرا إلى أنه يقسم حياته بين زوجتيه، وكل منهما تقدر الأخرى بغض النظر عن المناصب التي تحتلها كل منهما.
وترى مها سالم (مشرفة تربوية) أنها تعاني مع زوجها الذي يعمل في وظيفة مكتبية، حيث يعيش أزمة نفسية من وظيفة زوجته، ودائما ما يفتعل المشاكل ، ويكرر عليها أنها تتعالى عليه بوظيفتها، وأنها تراه قزما أمام مكانتها الوظيفية في التعليم.
وأوضحت أنها حاولت جاهدة أكثر من مرة إصلاح هذا الأمر، وإفهام زوجها أنه والد أطفالها، وأنها مهما اعتلت من مناصب ستظل تلك الأم الحنون، والتي ترعى شؤون منزلها بعيدا عن أي أمر آخر، ولكنه لم يقدر ذلك فانتهى الأمر بينهما بالطلاق، وبقي أولادها معها .
من جهته قال مدير التعاون الدولي بجامعة الأمير نايف الدكتور صقر محمد المقيد "من غير المنطقي أن يكون هناك ما يسمى بالزواج التوافقي من حيث المكانة، لأن المنصب حالة مؤقتة والثقافة حالة مكتسبة، والإنسان مكرم منذ ولادته دون النظر لأية اعتبارات أخرى، وقد تكون الزوجة البسيطة هي الأسعد بعيدا عن الشخصية المعقدة، أو الشخصية المزدوجة التي باتت تظلل الكثير من الرجال والنساء في آن واحد".
وأضاف أن المرأة التي تعمل مديرا عاما هي مدير عام في بيئة العمل، ولساعات محدودة يوميا، ولفترة معينة أيضا، مشيرا إلى أن إحدى الدراسات قالت عن عمل المرأة إن غالبية النساء العاملات يفضلن التقاعد عند سن الخمسين، وهذا يدلل على رغبة المرأة في العودة إلى بيئتها المنزلية.
وأكد الدكتور المقيد أن "على المرأة أن تتخلى عن شخصيتها العاملة فور دخولها للمنزل، وارتداء ثياب المرأة الأم، والأنثى، والزوجة الحانية"، مشيرا إلى أن الأهم في الحياة الزوجية التفاهم، والمودة، والرحمة، وهي معانٍ يجعلها الله عز وجل بين الزوجين بغض النظر عن أي شيء آخر.