تجاوز المتعاملون في سوق الأسهم السعودية أمس الذكرى السادسة للانهيار الشهير من فبراير عام 2006، وسط سيولة نقدية تعد هي الأعلى منذ فترة زمنية طويلة بتخطيها حاجز 12 مليار ريال، وسط تأكيدات مختصين تحدثوا إلى "الوطن" أمس أن السيولة الجديدة المتدفقة إلى تعاملات سوق الأسهم خلال الفترة الماضية، هي سيولة مضاربين جنوا أرباحهم في سوق العقارات المحلية.

وبحسب هؤلاء المختصين فإن ما حدث في تعاملات سوق الأسهم المحلية خلال الفترة القريبة الماضية من أداء إيجابي ناتج طبيعي عن استقرار الاقتصاد السعودي، متوقعين في الوقت ذاته أن يواصل مؤشر السوق إيجابيته خلال هذا العام، مع مروره بمحطات جني أرباح متفاوتة من منطقة لأخرى.

وفي جولة لـ "الوطن" على إحدى صالات التداول في العاصمة الرياض أمس اتضح ارتفاع نسبة تفاؤل المتداولين بمستقبل تعاملات السوق خلال هذه الفترة، حيث يرى بعضهم إمكانية استرجاع رؤوس أموالهم التي فقدوها منذ 26 فبراير 2006.

وأمام التغيرات التي تحدث في نفوس المتعاملين بالسوق هذه الأيام، نجح مؤشر السوق العام فنيا في اختراق حاجز 7 آلاف نقطة لأول مرة منذ منتصف عام 2008، كما أن المؤشر حافظ خلال الأيام القليلة الماضية على هذا الحاجز، وهو ما بعث الاطمئنان إلى نفوس المتعاملين. فيما لم يستبعد مختصون خلال حديثهم إلى "الوطن" أمس حدوث طفرة جديدة في تعاملات السوق المالية خلال الفترة المقبلة، مبينين أن سوق الأسهم يعتبر خلال هذه الفترة القناة الاستثمارية الأكثر أمانا في المملكة. وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودية، عبد الحميد العمري، في حديث إلى "الوطن" أمس: "ما يحدث من ارتفاع متواصل في السيولة النقدية المتدفقة إلى سوق الأسهم خلال الأيام القليلة الماضية هو نتاج لخروج هذه السيولة من سوق العقارات بسبب تضخم الأسعار، واتجاهها بالتالي إلى سوق الأسهم". وأشار إلى أن سوق الأسهم يعد القناة الاستثمارية الأكثر أمانا خلال الفترة الحالية، مضيفا "لن يستثمر أحد في قناة استثمارية متضخمة كسوق العقارات، لذلك الملجأ الآمن هذه الفترة هو سوق الأسهم". ولم يستبعد العمري حدوث طفرة جديدة في سوق الأسهم خلال الفترة المقبلة، وقال "المتعاملون في سوق الأسهم نسوا تماما تاريخ 26 فبراير، ولم يعد يولونه اهتماماً"، مستدلا على ذلك بإغلاق مؤشر السوق الأخضر خلال تعاملات هذا التاريخ يوم أمس. وأوضح أن سوق الأسهم المحلية مرشح للمرور بعمليات جني أرباح من منطقة لأخرى، مشيرا إلى أن توزيع السيولة داخل قطاعات السوق بمختلف شركاتها خلال هذه الأيام أصبح أفضل مما كان عليه خلال العامين الماضيين. وقال: "ألاحظ أن حدة المضاربات في أسهم الشركات المتضخمة سعريا انخفضت بنسبة 35 % خلال هذا العام عما كانت عليه في العام الماضي، وهو أمر جيّد يدل على دخول سيولة استثمارية جديدة إلى تعاملات السوق"، موضحا أن صعود معدلات السيولة النقدية مع ثبات مؤشر السوق العام دليل على ارتفاع حدة المضاربة.

من جهة أخرى أكد أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف، الدكتور سالم باعجاجة، في حديثه إلى "الوطن" أمس أن ما نسبته 80 % من السيولة المتداولة في السوق يوم أمس سيولة مضاربية تستهدف اقتناص الفرص، وقال "المضاربة جزء من السوق، ولكن الإيجابي هو ارتفاع حجم السيولة الاستثمارية المتدفقة إلى تعاملات السوق عما كانت عليه في العام الماضي". وأشار باعجاجة إلى أنه في الأسابيع القليلة الماضية نجح بعض المتعاملين في سوق الأسهم في تعويض جزء كبير من الخسائر التي منيت بها محافظهم الاستثمارية طوال السنوات الـ 6 الماضية، مؤكدا على أن ارتفاع حجم سيولة السوق خلال الأيام الحالية يأتي بسبب خروج سيولة هاربة من القطاع العقاري بالاتجاه إلى سوق الأسهم، معتبرا هذه الخطوة أمرا طبيعيا يحدث في مجال الدورات الاقتصادية للقطاعات الاستثمارية المختلفة.