فرغت للتو من قراءة كتاب صدر حديثا بعنوان "الوطن والمواطنة.. رؤية موضوعية" للكاتب اللواء عبدالرحمن الياسين؛ فرأيت أن أنقل لكم بعض المشاهد الجميلة عن موالاة الوطن، والشخصية الوطنية، وصفة الانتماء إلى الوطن.. وذلك من خلال أسطر هذا المؤلف الوطني الكبير، الذي ما فتئ يكتب عن وطنه كلما أمسك بالقلم، فقد قرأت له عددا من الكتب في حب وطنه والذود عنه.. أما في كتابه هذا فيقول: الحب شعور إنساني، ينشأ بفعل علاقة وجدانية بين محب ومحبوبه.. وحب الأوطان نوع من هذه الحميمية بين الفرد وموطنه؛ ترتبط أصولها بجذور التربية الغائصة في عمق الأرض؛ يتولد عنها ذلك الحنين الذي تزيده صلات الرحم، ووشائج القربى ارتباطا بين التراب والإنسان؛ تعززه شرعة الدين، وتوحده اللغة، وتوثقه ثقافة التراث، وتتوجه القيم الإنسانية التي تجعل من الوطن محطا لابتهاج النفوس تتداعى لها سلاميات الجسد.
ويضيف: ألا ترى ـ أخي الوطني ـ أن من غاب عن موطنه ما يلبث أن يكابد حرقة الفراق، ويتلظى بآهات البعاد؛ الأمر الذي هيّج قرائح الشعراء، وإبداعات الروائيين، وأقلام الكتاب، وفكر الفلاسفة؛ مثمنين الوطن فوق كل الأثمان وموزنينه فوق كل الأوزان.
الإنسان الوطني تمتلئ مشاعره بحب وطنه؛ فهذا سيد الخلق نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخاطب موطنه مكة المكرمة بقوله: "ما أطيبك من بلد وما أحبك إليّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك".. وحينما نزل طيبة الطيبة، سأل ربه أن يرزقه حبها؛ فقال عليه الصلاة والسلام: "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد...".