في ضربة فنية واحدة مالها من فواق، تم اختراق ثلاث فيلات، كنت واحدا من المنكوبين في الضربات الفنية الثلاث.
يبدو أن المنطقة درست جيدا، فجاري الأول مسافر لمصر، والثاني مختف في جدة ربما؟
الأول رجاني أن اتفقد الزرع في بيته رشا بالماء، والثاني ذهب مطمئن البال بعد أن وضع ثلاثة أقفال فوق باب مصفح مدرع؟ ولكنها ليست للصوص العتاة المدربين على الحد والحديد!
قال لن يخترق مثل هذا الباب إلا سلاح المدرعات، واللصوص كانوا أفظع من سلاح المدرعات بخفة ونشاط وسرعة ومهنية فائقة..
حدث كل هذا في ساعة من ليل، ذهبت أثناءها للتمشي، وحين رجعت كان الباب الرئيسي مغلقا من الداخل، والكراج لا يعمل، عرفت فورا أنني نهبت من الحرافيش والزعر، قلت لعلم جير العامل البنغالي عندي تسلق الجدار وأخبرني ماذا ترى؟ كان خوفنا أن يكونوا في الداخل فيرتعبوا فيستخدموا السلاح في المقاومة، فلا شيء يثير الهلع مثل مفاجأة الحرامي وهو يؤدي وظيفته بإتقان؟
قال لي علم جير هل تركت الباب الخارجي مفتوحا؟ عرفت أنهم كسروا الباب وتركوه سكرانا يترنح؟
قلت له انزل فقد سرقنا، وعلينا أن نعرف حجم السرقة؟ قال شوف بابا (بلغته المكسرة) في.. نفر.. في.. هو.. يدخل.. بيت.. في يدخل سيارة.. في يسكر كراج.. في هو يشيل بيت؟؟ برزت أشد المخاوف عندي؟ هل يعقل أن يكونوا نهبوا البيت كله دفعة واحدة كما يقول علم جير؟
فتح علم جير درباس الباب الخارجي الذي يغلق السور الخارجي ودخلنا إلى فناء الفيلا الداخلي لنرى باب البيت محطما بسهولة مع أنه حديد؟ وعرفنا أنهم استخدموا وبحرفية بالغة أدوات لاتقاومها أبواب وصيجان؟ في الداخل كانت الفوضى عارمة، فليس من حقيبة ولا درج ولا طاولة ولا مخبأ ولا جارور وسحاب إلا سحب وجر، ورميت الأغراض على الأرض مبعثرة؟ عرفت أنني أواجه الجريمة المنظمة وقدرت أن من دخل البيت كانوا عصابة من ثلاثة أفراد، يحرسهم من الخارج اثنان، يستعلمان الموقف، ويتخاطبوا بالموبايل، لينهوا العملية العسكرية بأسرع وقت ممكن، وأفدح خسارة ممكنة لأصحاب البيوت، فمن وجدوا عنده المال والذهب حملوا ما خف حمله وغلا ثمنه، ومن لم يعثروا عنده على مال وذهب، حملوا غرضا ثمينا من تلفزيون وكاميرا ولاب توب بل وحتى العطر والسي دي.
تصورت في نفسي هذه المتعة العامرة للص وهو يتأمل البيت مستباحا تحت يده، يفعل به ما يشاء، في وقت قصير محدود، ولكنه كافيا لاستباحته بشكل ممتع..
رأيت في فناء الدار سُلَّما لنا قد اعتلوا ظهره وقفزوا منه لبيت جاري، وحين اتصلت بالجار الآخر هرع إلى بيته ليجد كارثة بانتظاره.
هرعت أنا إلى الشرطة فجاؤوا وسجلوا الواقعة ولكن شحار البصمات سود بيتنا فبقينا نمحي الآثار ونغسل الأثاث أسبوعا من الزمن. قال جاري لن أخبر الشرطة حتى لو رجعوا الحرامية..
كان حظي جيدا أن اكتفوا بالمال وتركوا لي الوثائق الرسمية وبطاقات الاعتماد والهوية الشخصية ودفتر الإقامة وشهادة سواقة ألمانية تؤخذ مرة واحدة لكل الدهر..
قلت كانوا لطافا في حمل المال فقط وترك البطاقات. بعدها لم يعد شعوري كما كان سابقا فقد دخل قلبي حس عدم الأمان.