عنوان مقالي رسالة تهديد وابتزاز من وافد ارتبط بعلاقة بفتاة سعودية، وانهت الفتاة العلاقة عندما تزوجت ليلاحقها بالتهديد والابتزاز حسب جريدة "المدينة"! وبعد أن أبلغت الفتاة عن الوافد وأحيلت قضيته لهيئة التحقيق والادعاء العام، كشف التحقيق عن إقامته لعلاقات محرمة مع عدد من الفتيات وتصويرهن في أوضاع مخلة بغية ابتزازهن بالمال! والقصة السابقة قصة يبدو أنها صارت تتكرر كثيرا في مجتمعنا، وتوشك أن تصبح ظاهرة تقتضي الدراسة والبحث العميق في جذورها، فما الذي يجعل من الفتاة هدفا سهلا للاختراق ثم الابتزاز؟! ما الذي يدك قلاع مقاومتها ويستلبها القدرة على الممانعة، رغم علمها بازدواجية معايير المجتمع في التعامل مع خطأ الفتاة وخطأ الشاب؟! ورغم إدراكها لقسوة الألسن التي ستتناهشها في حال انفضاح أمرها، ورغم علمها أيضا بأن الشاب الذي يصادق فتاة في مجتمعنا لن يتزوجها؟!
لا نستطيع أن نفصل قضية ابتزاز الفتيات عن المفاهيم التي تتجذر في لاوعيهن منذ نعومة أظفارهن والنظرة "التشيئية" الملتفة حول أعناقهن، فموقعهن من الإعراب دوما هو اسم المفعول وليس اسم الفاعل! فالفتاة درة "مصونة" وجوهرة "مكنونة" ليس لها دور في فعل الصون والحفظ، وهي محمية دوما وليست حامية، وشتان ما بين الحامي القوي، والضعيفة الواقع عليها فعل الحماية! وشتان بين المحصنة داخليا لتحمي نفسها بنفسها، وما بين الضعيفة المستلبة الخائفة الباحثة دوما عن حائط تلوذ بأمنه وأمانه! في ازدواجية عجائبية تضع العوائق النفسية في وجه الفتاة ثم تطالبها بالقفز فوقها، فمن تربى على الضعف والخنوع والاستسلام والتسليم ستفقد المناعة والحصانة ضد الخداع والكذب! أيضا تحميل الفتاة دوما وزر من يتحرش بها، والافتراض المسلم به والقناعة المتجذرة في الوعي الجمعي أنها مسؤولة أبدا عن النظرة الطائشة، أو الكلمة المتجاوزة التي تتوجه لها تجعلها تحجم عن مصارحة أهلها فيما لو تعرضت للمعاكسة والتحرش! فلا بد أنها كانت متبرجة، أو لعلها أظهرت لينا في القول أو خضوعا في السلوك، فهي مدانة ومجرمة حتى قبل أن يثبت عليها أي فعل، مما يجعلها تتوجس خيفة من إبلاغ ذويها حتى لا تتهم بأنها المحرك لفعل التحرش!! ناهيك عن الطامة الكبرى وهي الشك الدائم في تصرفات الفتاة وسلوكياتها، مما يدفعها لاشعوريا إلى الخطأ والتجاوز، فمن تعامل من منطلق التوجس وسوء الظن وانعدام الثقة، ستنحرف حتما إلى تلك النظرة التي التبست بها وحكم عليها من خلالها! ومن تُربى على أنها "فتنة" متحركة على قدمين ومشروعا مستداما للغواية سيتجذر داخلها الشعور بالدونية وانتقاص الذات واسترخاصها، وستتجه لا إراديا لتنحبس في الأطر التي رسمت لها! ثقافة الذئب والحمل، والفريسة والوحش المفترس تكرس عند الشباب ذكورا وإناثا صورا معينة لذواتهم لا يستطيعون الخروج من حدودها!
تعزيز القوة الداخلية والمنعة الذاتية للفتاة هي حجر الزاوية في قضية الحد من الابتزاز، ولن تتحقق إلا بتفكيك ثقافة تشييء المرأة ودونيتها!