توقع اقتصاديون خروج نصف شركات الوساطة المالية البالغ عددها 28 شركة مستقلة بعد المنافسة غير العادلة مع البنوك التجارية خلال العام الجاري. وأضافوا أن أمام ملاك شركات الوساطة المالية مسؤولية مهام دعم شركاتهم، والعمل بشتى الوسائل المتاحة قانونياً وبما لا يتعارض مع أنظمة سوق المال على توفير متطلبات الاستمرارية لنشاط شركاتهم.

وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبد الحميد العمري في تصريح إلى "الوطن" أن فكرة الاندماج بين شركات الوساطة المالية قد تكون حلاً ملائماً لبعض الشركات التي يكون رأس مالها صغيرا بصورةٍ قد تتزايد معها احتمالات عدم قدرتها على تحمّل المخاطر الراهنة في السوق المحلية. كما أنه يظل حلاً ملائماً أيضاً للشركات التي تعرض رأس مالها للتآكل نتيجة ارتفاع تكاليفها التشغيلية مقابل ضعف التدفقات النقدية الداخلية بسبب ضعف أرباحها الناتج عن تدني نشاطها التشغيلي، وعدم إقبال المستثمرين على طلب خدماتها، إما لقوة منافسيها خاصة الشركات المملوكة للبنوك، أو لاستمرار إحجام وعزوف مجتمع المستثمرين المحليين عن السوق المالية المحلية.

وعن الدعم الأمثل لشركات الوساطة المالية، أكد العمري أنه يجب أن يتحمل ملاك تلك الشركات المالية مسؤولية ومهام دعم شركاتهم، والعمل بشتى الوسائل المتاحة قانونياً، وأن لديهم العديد من الخيارات كزيادة رؤوس أموالها، أو الاندماج مع شركات استثمارية مماثلة لها في النشاط، وقد يمتد الأمر إلى ضرورة إعادة هيكلتها، أو العمل على تطوير مستوى خدماتها بصورة أكثر تنافسية، وبين العمري أن تقلّص أعداد الشركات الاستثمارية من شأنه أنه يكرس مستقبلاً من مظاهر الاحتكار، ويضعف بدوره من البيئة التنافسية في القطاع.

من جانبه، قال سعد حصوصة "مستشار مالي" لـ"الوطن" إنه من المتوقع خروج نصف شركات الوساطة المالية المستقلة من السوق السعودية وقد بلغ عدد شركات الوساطة المالية بالمملكة 38 شركة منها 28 شركة وساطة مالية مستقلة و10 شركات وساطة مالية ملحقة بالبنوك السعودية.

وأوضح أن شركات الوساطة تعتريها معوقات تشمل المنافسة غير العادلة مع البنوك التجارية لأن البنوك التجارية مدعومة بعدة مميزات منها إمكانية أن العميل يستطيع السحب والإيداع بين حساباته من خلال بطاقة الصراف الآلي أو الإنترنت، وعدد الفروع المنتشرة وخدمة عملاء الوساطة التابعة للبنوك.

وبين حصوصة أن شركات الوساطة حينما أُسست كان الهدف من تأسيسها هو تطوير السوق السعودية، لكي تصبح من الأسواق الجاذبة للمستثمرين وللشركات التي ترغب في تسجيلها في السوق السعودية، ولكن أزمة سوق الأسهم السعودية في 2006 أدت إلى عزوف كبرى الشركات من طرح أسهمها في السوق،

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي فضل البوعينين لـ"الوطن": لقد تنبأت في السابق مع بداية العمل بنظام شركات الوساطة المالية، بأن معظم تلك الشركات التي حصلت على تراخيص بمزاولة مهنة الوساطة ستخرج من السوق لأسباب تنافسية على أساس أن فصل عمليات الوساطة عن البنوك تم احتواؤه بتأسيس شركات مستقلة تملكها البنوك نفسها".

وأضاف:"لقد احتفظت الشركات التابعة للبنوك بحصتها من السوق لأربعة أسباب رئيسة وهي امتلاكها لقاعدة عملاء واسعة ورثتها من البنوك التابعة لها، وتوفر الأنظمة الإلكترونية المتطورة الانتشار الجغرافي على أساس وجود البنية التحتية التي وفرتها فروع البنوك المنتشرة في مناطق المملكة ، إضافة إلى الثقة الكبيرة التي تمتعت بها هذه الشركات، ومن هنا كانت المنافسة غير عادلة بين الشركات حديثة التكوين وشركات الوساطة التابعة للبنوك وبعض شركات الوساطة المالية التي لا يتجاوز عددها مجموع أصابع اليد الواحدة ونجحت في الحصول على حصة جيدة من السوق ساعدتها في البقاء والمنافسة، وهذا يعود إلى ملاءتها المالية والإدارة ذات الكفاءة العالية والخبرات العالمية فيما يتعلق بالعمل في الأسواق المالية".

ونوه البوعينين إلى أن الاندماج قد يكون أحد الحلول المتاحة أمام شركات الوساطة المالية الضعيفة، ولكن السؤال الأهم هل السوق في حاجة إلى مزيد من شركات الوساطة، أم أن الأفضل للسوق الإبقاء على شركات الوساطة القوية الحالية وهي الشركات التابعة للبنوك، وبعض الشركات المستقلة التي أثبتت قدرتها على المنافسة والبقاء.