فيما توقع خبير عقاري تراجع أسعار إيجار الوحدات السكنية بنسبة تصل إلى 35% خلال السنوات المقبلة مع تزايد المعروض إثر الانتهاء من مشاريع الإسكان التي تنفذها الحكومة حاليا، رفض عضو لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة في مجلس الشورى الدكتور طارق فدعق، الدعوات الرامية إلى تحديد إيجارات العقارات السكنية، إلا بعد إعداد دراسات مستفيضة في هذا الجانب، مشككاً في مدى إمكانية ذلك، للتفاوت الكبير في الخدمات والمواقع للمدن والأحياء السكنية داخلها، ومستوى توفر الخدمات من موقع إلى آخر.

ويأتي ذلك في ظل تباين واضح لأسعار الإيجارات من مدينة إلى أخرى، ومن حي إلى آخر داخل المدينة نفسها، مما دعا مواطنين ومقيمين إلى المطالبة بضرورة إقرار نظام يراعى فيه الموقع والخدمات والعمر الزمني للعقار في سبيل منع الزيادة المبالغة في الأسعار، التي تحتكم إلى قرارات الملاك والمكاتب العقارية، دون وجود ضوابط تمنع الاستغلال المادي كاستحصال مبالغ تضاف إلى القيمة الفعلية للإيجار بحجة تقديم خدمات، هي في الأصل تقدم دون مقابل من قبل الجهات الحكومية كالمياه والصرف الصحي.

من جهته، أكد الخبير العقاري عبدالله الأحمري أن السوق العقارية في جميع مدن المملكة ستشهد انخفاضا خلال الأعوام الأربعة المقبلة تصل إلى نحو 35% في ظل وجود مؤشرات إيجابية بدأت طلائعها في الربع الأخير من العام الماضي.

وستبقى السيولة المادية متوفرة بشكل جيد رغم الهبوط المتوقع في الإيجارات أو في قيمة العقار أو أسعار المخططات، التي بدأت بالفعل في الانخفاض بشكل ملحوظ في عدد من المواقع شمال جدة.

ولفت الأحمري إلى أن أسعار الإيجارات تختلف من مدينة إلى أخرى حسب الخدمات والموقع الاستراتيجي والأهمية التجارية والسياحية، مؤكداً ان جدة تعد من أكثر مدن المملكة ارتفاعا في قيمة الإيجارات الخاصة بالوحدات السكنية، لعدة عوامل أبرزها موقعها السياحي، والتجاري وكونها بوابة الحرمين الشريفين.

كما أكد أن العرض أكبر من الطلب حاليا في جدة، مما يؤكد أن تراجع الأسعار سيكون أمرا لا محالة منه، فيما سيضطر أصحاب الوحدات السكنية غير المؤجرة إلى خفض الأسعار عندما يجدون أنفسهم خارج دائرة المنافسة.

وقال محمد عبدالشافي (مستأجر) إن ملاك الوحدات السكنية يعملون على استحصال مبالغ تضاف إلى القيمة الأساسية للإيجار السنوي للوحدة، وكونه يقطن في حي المروة شمال جدة، يدفع مبلغاً قدره 27 ألف ريال كقيمة أساسية لاستئجار شقة مكونة من 3 غرف بمنافعها، يضاف إليها 100 ريال كل شهر مقابل خدمة الماء وسحب مياه الصرف الصحي، إضافة إلى 100 ريال أخرى لحارس البناية السكنية، مما يعني تكبده مبلغاً يصل إلى 29400 ريال سنويا.

وفي سياق متصل، أوضح الدكتور طارق فدعق في تصريح إلى "الوطن" أن تحديد الإيجارات حالياً بسقف معين ينعكس سلباً على القطاع العقاري، وسيلحق الضرر بالمستثمرين فيه، إضافة إلى تضرر المستأجرين الجدد في حالة دفعهم لمبالغ كبيرة قد لا تتناسب مع الدخل المادي لهم.

وأكد ضرورة العمل على إعداد دراسات معمقة تشمل جوانب عديدة في هذا القطاع، أبرزها معرفة مرونة العرض والطلب، ومدى استجابة السوق للعرض الموجود حالياً قبل إقرار أي نظام من شأنه أن يعمل على ضبط الأسعار.

وأشار فدعق إلى أن الإيجارات الحالية بالفعل تحتاج إلى إعادة تنظيم لتعم الفائدة جميع الأطراف سواء المستثمرون في هذا المجال أو المستفيدون من المستأجرين، موضحا أن كثيرا من دول العالم فشلت في إعداد نظام متكامل يضمن ضبط الأسعار بصورة دقيقة، لاسيما أن هناك اختلافا بين المدن من حيث الكثافة السكانية وقوة العرض والطلب والموقع الخاص بالمدينة من بين مدن الدولة أو موقع الحي من بين أحياء المدينة، ومدى توفر الخدمات الضرورية والكمالية للسكان وقربها من موقع السكن.

وألمح فدعق إلى أن مسألة تحديد سقف معين لن يتم بطريقة سهلة، فهو يحتاج إلى دراسات متعددة تحتاج إلى مدة زمنية طويلة، لافتاً إلى أن مجلس الشورى ومن خلال لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة، لم يتطرق إلى مثل هذه المواضيع لصعوبة إقرار نظام معين في الوقت الحالي يتعلق بهذا القطاع.

ويرى مشاري الشريف (صاحب مكتب عقاري) أن تحديد سقف محدد للإيجارات لا يمكن بأي حال من الأحوال، لاسيما أن السوق يخضع إلى مبدأ العرض والطلب.

وحول المبالغ الإضافية التي تستحصل من المستأجرين غير قيمة الإيجار، قال الشريف إنها تقابلها خدمة تقدم للمستأجر كتوفير المياه في حالة انقطاعها، أو سحب مياه الصرف الصحي كون هذه الخدمة لا توفرها الدولة، موضحا أن المبالغ التي تدفع لحارس البناية ليست إلزامية، بل يقع الخيار على المستأجر في حالة رغبته في الحصول على خدمات أخرى كتنظيف المركبة والوحدة السكنية.