واهمون...، أو قل: حالمون، أولئك الذين يبحثون عن العدالة في عالم تحكمه المصالح، ومهما سعوا إلى تحقيقها تظل مطالبهم مرهونة بإرادة الذين غيبوها!، ومع الأسف الشديد فإن هذه الرؤية تطال مختلف مجالات حياتنا!.
فسياسياً: يرى العالم كله شعباً يُحاصر، وأرضاً تُسلب، ودماءً تراق، وبشراً يُغتصب، ثم يخرس تماماً!، وإذا سعى الساعون إلى العدالة، فإن (فيتو) دولة واحدة كفيل بتبديد خطاهم حتى إن تحقق الإجماع الدولي!.
وتنموياً: تجد العالم وقد هاج وماج وتوعد وحاصر، لأن إيران لديها برنامج سلمي للطاقة النووية (إذ لم يثبت بعد أنه برنامج عسكري)، تماماً كما هاج وماج واعتدى فعلياً على مصر حينما شرعت في بناء السد العالي، مع أن الهائجين يمتلكون من السلاح النووي ما يكفي لإبادة دول بأكملها!.
وتعليمياً: يحشر الغربي أنفه في المناهج العربية والإسلامية، ويطالب بحذف هذا الموضوع أو ذاك، وتدريس هذا الموضوع أو ذاك، حتى بلغت السماجة حد اقتراح حذف آيات من القرآن الكريم، وإذا عارض من عارض اتهموه بالإرهاب!.
وفكرياً: يُجرِّم العالم من يتناول الصهاينة بسوء، ومن ينكر محرقة اليهود أو ما يسمى بـ(الهولوكوست)، يصبح معادياً للسامية ويجب بتره، بينما لم ترَ عين العالم لحم الشيخ أحمد ياسين ملتصقاً بأشلاء صاروخ، مع أنه (سامي) أيضاً!.
ورياضياً: تجد أندية بعينها يُمهَّد لها طريق البطولات، وتضرب العدالة في مقتلها لكي تعيش هي، ولا أدل على ذلك من الأهلي المصري، وحتى إن سعى منافسوه إلى العدالة وطلبوا حكاماً أجانب لمبارياتهم ضده، تفاجأ الجماهير بانحياز سافر من هؤلاء الحكام (الأجانب) للأهلي أيضاً!، (وكأنك يا أبو زيد ما غزيت)، مع أن هؤلاء الحكام أنفسهم مشهود لهم بالعدالة في بلدانهم، ومن ثم تتساءل الجماهير: أين الخلل إذن؟!.
شخصياً أرى أن المشكلة تكمن في أن الحكم لا يأتي كاملاً من أوروبا، وإنما يتم استحضار أجزائه (الرأس، القدمين، اليدين... الخ) ثم تقوم لجنة الحكام بتجميعه، فيصبح تماماً كسيارة أجنبية بـ(تقفيل، أو تجميع، مصري)!.
ولهذا، أقترح ونحن في هذا التوقيت تحديداً، إذ أصبحت كل الأفكار (كروية) مع اتجاه أنظار الجميع إلى بطولة كأس العالم التي تنطلق اليوم في جنوب إفريقيا، أن تشترط الأندية التي تطلب حكاماً أجانب في مبارياتها ضد الأهلي ألاّ يأتي الحكم إلى مصر قبل يوم من المباراة، وإنما: يهبط بـ(البراشوت) في الإستاد، وعلى خط السنتر تماماً، ليطلق صافرته مباشرة، إيذاناً بانبثاق العدالة، وإلاّ فإن الباحثين عنها سيظلون واهمين، أو حالمين!.