لو كنت ضيفا على برنامج يناقش "الحريات في العالم العربي"، وهو العنوان الدائم لبرامج بعض القنوات الفضائية التي لا يفصلها عن "زنازين" أصحاب الرأي سوى بعض خطوات، لرددت على كل من "يشكك" في وجود حرية تعبير بـ"المنظر الحضاري لطوابير الفول والخبز وبطاقات الجزيرة الخاصة بكأس العالم". ففي هذه الطوابير التي تمددت و"تسدحت" خلال الأيام القليلة الماضية على معظم الشوارع الرئيسية في العالم العربي، وهي ترفع شعارات "لو سمحت يا أخ .. خبز وواحد فول، وبطاقة الجزيرة حقت كأس العالم"، ما يشير إلى "تقدم كبير" في حرية التعبير من خلال التجمع والتظاهر السلمي الذي يطالب بـ"الحقوق". المضحك المبكي أن الكل يطالب بـ"حقوقه"، فالفوال والخباز يطاردان بعض من لا يدفع ثمن الخبز والفول، ربما لأنهم لا يجدون ثمنهما، وربما أنهم من هواة "ألذ شيء ما أكل ببلاش" ومن يريد معرفة نسبة هواة "ببلاش" في مجتمعنا، فليذهب إلى مطعم يقدم وجبة مجانية "دعائية" بمناسبة افتتاحه. وفي موازاة حقوق الخباز والفوال، رفعت "الجزيرة الرياضية" لواء حماية "حقوقها الحصرية" فركزت الحملات وشنت الغارات المتواصلة خلال هذه الأيام على مشتركيها في كأس العالم قبل غيرهم من "القراصنة". فالكثير من المشتركين الذين سبقوا الطوابير بأشهر و"استمتعوا" برؤية شعار القنوات الجديدة التي خصصتها "الجزيرة" لكأس العالم باشتراك جديد، فقدوا فجأة ودون سابق إنذار، خلال اليومين المنصرمين قنواتهم التي كانوا يتبخترون بها أمام الطوابير الجائعة للحرية.. (أقصد حرية مشاهدة كأس العالم.. لا أحد يفسرها خطأ .!!). وذلك بسبب هجمة مرتدة "ضد القرصنة" شنتها "الجزيرة الرياضية" فأكلت الأخضر واليابس، أعادت إلى أذهاننا هجمات المرحومة "ART" الرياضية التي وُوريت الثرى قبل عدة أشهر.
وسامح الله عثمان العمير وصحيفته "إيلاف" الإلكترونية الذين وضعوا استطلاع رأي على الصفحة الأولى كان سؤاله "كيف ستشاهد مباريات كأس العالم؟" حيث أجاب حوالي 57% بأنهم سيشاهدونها بـ"طريقة مقرصنة". فقد يكون هذا الاستطلاع أحد محفزات "الجزيرة" لشن هجومها على بطاقات المشتركين، حتى إن بعضهم اضطر لتغيير جهاز "الرسيفر" بجهاز آخر بناء على توصية أحد موزعي البطاقات، وبالفعل فك الجهاز الجديد شفرة البطاقة، ولكن بعد دفع أكثر من 250 ريالا ثمنا له. وأخيرا: احذري يا "جزيرة" من طريق المرحومة  "ART"، واتعظي بالمصير الذي آلت إليه/ فما خاب من اتعظ.