يجمع المؤرخون على أن توحيد المملكة العربية السعودية صناعة للتاريخ لا يقوى عليها غير نادرٍ من الزعماء هو/"عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود"؛ وهو التحدي الذي وضع جميع الملوك السعوديين من "سعود" إلى "عبدالله" على محكٍّ لا تجد له إلا: "نكون أولا نكون" شعاراً؛ ذلك أن أساس وحدتنا الوطنية هو "الإنسان" قبل وبعد وأثناء كل التحديات، والإنسان لا يهزم إلا من الداخل! وقد كان قدر خادم الحرمين الشريفين الملك/ "عبدالله بن عبدالعزيز" أن يستلم الحكم وقد تم اختراق وحدتنا الوطنية من داخل أنفسنا، حيث تسربت "آيديولوجيا" التطرف والتصنيف والإقصاء كالوسواس الخناس، فأصبحت الدولة القائمة على كلمة التوحيد متهمةً في دينها وعقيدتها، من قبل تيارٍ كنا نتوقع أن يتبناه أي أحدٍ من أعدائنا، ولكننا فوجئنا بأن شياطينه مردةٌ من أبنائنا، من لم يعتنق حماقاتهم وطيشهم وسفاهاتهم فليس منهم! بل نحن هدفهم الأول والأخير!
إن وحدتنا الوطنية، التي سقاها "عبدالعزيز" ورجاله بدمائهم وعرقهم مهددة من جديد كما قبل معركة "السبلة" 1927، وإذن: فلابد أن يقوم الملك "عبدالله" بتوحيدنا من جديد، توحيداً نفسياً وفكرياً يطرد الوسواس من عروقنا، ولن يكون هذا إلا بمراجعة التعليم، والخطاب الديني، وبسرعةٍ نسبق بها ظلنا!
وهو ما فعله خادم "الحرمين الشريفين" بابتعاث عشرات الآلاف من أبنائنا، وتأسيس "جامعة الملك عبدالله"، و"مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية"، وعدد من المدن الصناعية الجبارة. وفي الوقت عينه واجه التحدي الذي واجهه الملك "سعود" من قبل: كيف نحافظ على استمرار تقدمنا؟ لابد من ضرب الأنظمة البيروقراطية المترهلة في كثير من جوانبها منذ ذلك الوقت! ولن يكون ذلك بغير الاعتراف بوجود الفساد الإدراي أولاً، ثم محاربته بكل شفافية، ومحاسبة المقصِّر والمفسد "كائناً من كان"! واجه "الملك عبدالله" ذلك في ظل تحدي "الهوية" الذي واجهه "الملك فيصل"، ولكن مع أحادية الهيمنة الأمريكية على العالم، حيث أصبح "الإسلام" هو المقابل لها بذريعة الإرهاب التي قدمتها لها "القاعدة"، فكان لابد من الانتقال سريعاً إلى "حوار الأديان" الذي صنع به "أبومتعب" التاريخ! يحدث هذا في ظل طفرةٍ نفطية ثانية، كالتي واجهها "الملك خالد"، وفي ظل أزمات اقتصادية كالتي واجهت "الملك فهد"، أثبت فيها "عبدالله"، في "مؤتمر العشرين الاقتصادي" أن المملكة ليست رقماً صعباً وحسب، بل ويستطيع المساهمة الأبرز في إيجاد الحلول!
وإذا كان كل تحدٍّ يصنع "ملكا عظيماً"؛ فكم تحت عباءة "أبي متعب" من ملكٍ عظيم؟