كشف نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، عن تفاصيل محاولات موسكو لإعادة بناء جسور التفاهم مع الرياض ودول مجلس التعاون حول سورية، موضحاً أن بلاده اقترحت عقد جلسة طارئة للحوار الإستراتيجي الروسي الخليجي المقرر عقد جلسته الثانية في موسكو في يونيو المقبل "لتعقد في الرياض في أقرب وقت بوصفها رئيسة لمجلس التعاون في دورته الحالية، وذلك لبحث الوضع السوري "المعقد والساخن جداً".
وقال بوغدانوف في حديث لـ"الوطن" إن موسكو ترغب في ترتيب هذه الجلسة وقامت بإرسال رسائل لوزراء خارجية دول الخليج والأمين العام لمجلس التعاون "وننتظر الجواب، لأننا نعتقد أن حوارنا المباشر في السعودية مع الأصدقاء في الخليج سيساعد كثيراً في التوصل إلى تفاهم أكثر حول التفاصيل، لأن المبادئ والأهداف مشتركة بيننا، ولا مجال للجدل ولا شكوك حول ذلك". وبين أن موسكو ودول مجلس التعاون تتفق على أهمية وقف العنف دون تأجيل من كافة الأطراف في سورية والمجموعات، مكرراً موقف روسيا الذي كان يؤيد إرسال مراقبين تابعين للجامعة العربية كآلية لمراقبة الوضع الميداني ومنع العنف.
وفي رده على سؤال حول الشرط الروسي لوقف جميع العنف من كافة الأطراف وصعوبة ذلك ميدانيا لعدم وجود قيادة موحدة للفصائل التي تمثل الجيش الحر، قال بوغدانوف إن هذه المشكلة "حقيقية وهي سبب إصرار موسكو على بقاء المراقبين وعدم شطب دورهم وسحبهم في ظل هذه الظروف". وحول تأكيد فريق المراقبين بأنه رصد من الأدلة ما يكفي للتأكيد على الاستخدام المفرط للقوة من قبل نظام الأسد أوضح بوغدانوف "لقد أخذنا خطوات عملية في روسيا وقمنا باتصالات مع السلطات السورية لدفعهم على توقيع البرتوكول مع الجامعة العربية برغم شكوك دمشق التي وقعت وفشلت في التوصل إلى معالجة للأزمة". وكشف المسؤول الروسي عن غضب دمشق التي أبلغت موسكو بأنها وبعد توقيعها للبروتوكول سحبت قواتها من بعض مناطق التوتر لتتقدم وتحتلها الأطراف المسلحة التي لم تلتزم بالاتفاق، لأنها لم توقعه، مشيراً إلى أنه كلما ضغطت موسكو على دمشق للتهدئة والانسحاب من مناطق التوتر كانت هذه العناصر المسلحة بمختلف أشكالها، وخاصة الجيش الحر، تتقدم للأمام وتحتل المواقع الجديدة، مما تسبب في مشكلة حقيقية للسلطات السورية.
وفي سياق متصل قالت روسيا إنها لن تشارك في الاجتماع المقبل للدول الغربية والعربية "الذي يدفع إلى تغيير النظام في سورية ولكن تريد أن تلمس خطوات الأمم المتحدة لحل الوضع الإنساني في البلاد". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، اليكسندر لوكاشيفيتش، إنه يتعين على الأمم المتحدة إرسال بعثة خاصة إلى سورية لكي تقود عملية توصيل المساعدات الإنسانية. وقال إن روسيا لن تحضر اجتماع ما يسمى بمؤتمر "أصدقاء سورية". وفي المقابل أعلنت الصين أنها لا تزال تدرس مختلف جوانب المؤتمر الدولي حول الأزمة السورية الذي سيعقد في تونس دون أن تحسم قرارها حول احتمال المشاركة فيه أم لا.
على صعيد آخر ألغى السفير الصيني في السعودية، لي تشينج وين، مؤتمراً صحفياً كان مقرراً عقده ظهر أمس في مقر السفارة بالرياض، بعد أن جاء تأكيد لمشاركة عدد كبير من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية في المؤتمر، الذي كان يتوقع أن يعرض فيه السفير مبررات بلاده لاستخدام الفيتو في مجلس الأمن في وجه المشروع العربي لمعالجة الأزمة السورية.
وكان السفير الروسي، اوليغ اوزيروف، قد تعرض لهجوم عنيف شنه الصحفيون خلال مؤتمر صحفي عقده في السابع من فبراير الحالي في منزله في الرياض، وقد انتقده الصحفيون لعقده المؤتمر على هامش حفل موسيقي أقامه بحضور السفير السوري لدى المملكة، مهدي دخل الله، بعد ساعات من صدور قرار طرده الأخير من السعودية وإعلان خادم الحرمين إلغاء الأوبريت الغنائي والعرضة عن افتتاح مهرجان الجنادرية تضامناً مع الشعب السوري.
وفيما رفضت السفارة الصينية التعليق، شهدت الحوارات التي دارت بين الصحفيين، الذين كانوا يزمعون المشاركة في المؤتمر الصحفي، محاولة تحليل الموقف الصيني غير المفهوم من المشاركة في فيتو ضد القرار العربي، مما زاد من تشويه صورتها في العالم العربي وفي الغرب على السواء.