لو نظرت إلى خريطة العالم لوجدت أن خريطة المملكة العربية السعودية وجزيرة العرب هي أوضح ما يمكن أن تراه، إذ هي متميزة جداً من الناحية الجغرافية، بهذه المساحة الشاسعة الممتدة الأطراف وهذا البحر الذي يبرزها ويؤكد على ملامحها وحدودها بهذه الصورة الفريدة بما لا تراه في أي مكان آخر في العالم، وملك هذه المملكة هو أيضاً رجل مميز ونادر وفريد عندما نقلب صفحات التاريخ وننظر في السير، فالملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود من نوادر الرجال الذين سطرت حياتهم الأقلام بصفحات بيضاء من العدل والإنصاف والإنجاز والكرم، وكل هذا له سبب بسيط لا تعقيد فيه، وهو أن كل ما يظهر للناس من عبدالله بن عبدالعزيز هو في ذاته حقيقة عبدالله بن عبدالعزيز، وهذا الوضوح والأريحية وهذه الطيبة وهذه البساطة هي سبب هذه الكاريزمائية العظيمة التي يتمتع بها الملك عبدالله، شجاع في مواقفه، كريم من كرم نفسه، تلقائي في طبعه.
الملك عبدالله رجل حالم، لكن ليس بصورة الإنسان الحالم الذي يقضي وقته في الحلم فلا يصنع شيئاً على أرض الواقع، بل هو حالم لأن الأفكار العظيمة منشؤها الحلم، ولولا الفلاسفة المثاليون لما تحقق للإنسانية أي شيء مما نراه في الوجود، لكن ليس الحلم الذي يبقى في الأذهان، وإنما الحلم الذي تخرجه من الحالة الذهنية إرادة فولاذية تسحبه لورش العمل ومصانع الإنتاج وتقدمه لسواعد الرجال التي تعمل ولا تكل لأنها تعرف ما وراء أحلام القائد الملهم، وتعرف عمق ومدى صدق عاطفته وإخلاصه لهذا الوطن، الملك عبدالله كان دائماً يحمل أحلاماً جميلة لوطننا وها نحن اليوم نرى هذه الأحلام تتحقق وتصبح واقعاً مشاهداً، ولن يغفل مدون التاريخ المنصف عن تسجيل ما تحقق من إنجازات في عهد هذا الملك العظيم، ملك الإنسانية، عبدالله بن عبدالعزيز. الأمة العربية والإسلامية اليوم تمر بتحديات صعبة وقاسية، تحديات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فمن اتهام العرب والمسلمين بالإرهاب والنوايا السيئة تجاه العالم، إلى الاتهام بالعجز والضعف أمام قضية العرب الأولى قضية فلسطين، إلا أن العالمين العربي والإسلامي قد رزقا بقائد يحسن التعاطي مع كل هذه التحديات، ليثبت للعالم كله أنه لين من دون ضعف، قوي دون ظلم، ولكل هذه الصفات والأسباب نجد العالم العربي كله ينظر إلى شخص عبدالله بن عبدالعزيز أنه قائده الذي يلتفت إليه عند الملمات ليرى ما هو رأيه وكيف ستكون كلمته، فهو الحكيم الرشيد والبطل الملهم.
نحن اليوم، مثل كل العرب والمسلمين نشعر بألم شديد من كثرة ألم أهلنا في فلسطين من الاعتداءات المتكررة والبجاحة الغاشمة والغطرسة التي لا تقف عند حد من قبل إسرائيل، وهذا الشعور المتعاظم بالألم والاستياء من هذه الدولة اليهودية المتغطرسة لن يشفي منها إلا موقف من مواقف العزة والكرامة التي عودنا عليها أبو متعب، وهذا الحصار الذي يفرضه اليهود على غزة وأهلها بحيث يعيشون في حرمان من أبسط أساسيات الحياة اليومية نتطلع أن ينتهي بوقفة من وقفات أسد الجزيرة.
على صعيدنا الداخلي، لو نظر المتأمل فيما تحقق في هذه السنوات الخمس من تسلم خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز لسدة الحكم، لوجد أنه قد تحقق الكثير على كافة الأصعدة فيما يتعلق بقضايانا التنموية، فيما يخص الرجل والمرأة، فيما يخص التعليم وإحقاق العدالة، فيما يخص الشؤون الثقافية والفكرية والحريات، كل هذه الشؤون قد أخذ فيها أبو متعب بنصيبه، وغايته هي الرقي بالمواطن السعودي والنهوض به ليكون إنسانا أفضل في شتى الميادين، وهذه الجزئية من أهم ما يمكن أن يقال عندما تقيس ما تحقق في زمن حاكم.
انظر إلى السعوديين اليوم وكيف هم وما وصلوا إليه من إنجازات علمية وثقافية وارتقاء على المستوى الشخصي والأخلاقي وستعرف النتيجة، ففي تصوري أننا حققنا الكثير وكل هذا بتوفيق الله أولاً، ثم بسبب حكمة ربان السفينة وقائدها المحنك .