خلال خمس سنوات هي عمر البيعة، أحدثت رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الإصلاحية ومنهجه التجديدي نقلة كبيرة في حياة المجتمع السعودي. ولكني سأقصر حديثي على مسيرة المرأة وما تحقق لها في ظل قيادة الملك عبد الله منذ البيعة. فقضايا المرأة تأخذ الأولوية عند تقييم المسيرة الإصلاحية لأي مجتمع، وتكتسب أهمية أكبر في مجتمعنا خاصة لأنها تعكس بشكل رمزي وفعلي توجهات الإصلاح في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
يقول الملك عبدالله يحفظه الله: "المرأة السعودية مواطن من الدرجة الأولى ولها حقوق وواجبات ومسؤولية.. وعندما نتحدث عن التنمية الشاملة التي يمر بها بلدنا في جميع المجالات فلا نستطيع أن نتجاهل الدور المنوط بالمرأة السعودية ولا مشاركتها في المسؤولية عن هذه التنمية".
هذه هي كلمات الملك ورؤيته للمرأة، رؤية إنسانية تدرك دور المرأة السعودية في النهضة وتجعل منها عنصراً أساسياً في التنمية الوطنية. وامتداداً لهذه الرؤية الإنسانية برز في هذا العهد الزاهر اهتمام رسمي بتفعيل دور المرأة في المجتمع، فجعل الملك عبد الله لقضية وضع المرأة في المجتمع أولوية في خطة التنمية.
وفي ظل هذا التوجه الرسمي حققت المرأة السعودية مكاسب سياسية عديدة. فقد تمت مصادقة مجلس الشورى على قرارات تجسد مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في الدساتير والقوانين والتشريعات في المملكة، وعدم التمييز ضدها، كما تمت الموافقة على بنود "الميثاق العربي لحقوق الإنسان" والذي يشمل في المادة الثالثة "الحق في التمتع بالحقوق والحريات دون تمييز بسبب الجنس".
لقد وجدت المرأة السعودية في الملك عبدالله راعياً ونصيراً ومدافعاً صلباً عن دورها. وقد تعددت لقاءاته يحفظه الله مع المبدعات السعوديات في مختلف المجالات، فاستمع يحفظه الله للقيادات النسائية وشجع دورهن في تنمية ورقي المجتمع، ووجه بتذليل كل المعوقات التي تحول دون إطلاق طاقات المرأة السعودية في إطار احترام قيم الدين السمحة. كما تجسد دعمه يحفظه الله للمرأة السعودية بعد البيعة في مجالات عديدة أخرى منها تعيين مستشارات في مجلس الشورى، وانضمام عدد من النساء السعوديات ضمن الوفد الرسمي المرافق لخادم الحرمين الشريفين في زياراته للصين والهند، وتعيين امرأة لتكون نائباً لوزير التربية والتعليم لشؤون البنات بالمرتبة الممتازة. وفي هذا المنحى أيضاً رشحت وزارة الخارجية في سبتمبر 2005 عدداً من السعوديات البارزات لتولي مناصب رفيعة في الوزارة. لقد أحدث منهج الملك عبدالله يحفظه الله تغييراً إيجابياً في المجتمع السعودي تجاه المرأة. وهذا التغيير الإيجابي الكبير هو حتماً في بداياته الصحيحة. ولكي نحقق نحن المواطنين دورنا في البناء على هذه الرؤية الإنسانية الكريمة من قبل مليك البلاد لا بد أن نعمل معاً لكي تكتسب هذه الرؤية وهذه التحولات طابعاً مؤسسياً صلباً تحميه وتعززه تشريعات وقوانين واضحة وقوية تحمي هذه المكتسبات للأجيال القادمة بحول الله. فهنيئاً لنا عهد ملك الإنسانية.