صدرت عن دار طوى ترجمة الشاعر "أمارجي" لتراجيديا "الأرض الميتة" للشاعر الإيطالي "جابرييل دانونتسو". ويجمع العمل روائع الشاعر الإيطالي، إضافة إلى قيمة أدبية تاريخية، لكونه أول تراجيدياته على الإطلاق، وهو يشكل بإجماع النقاد المحاولة الأكثر اكتمالا لخلق مسرح حديث ذي أثر "تطهيري" على النفس البشرية مستوحى مباشرة من المسرح الإغريقي الكلاسيكي.

ففي احترام لوحدة الزمان والمكان والفعل، يبني دانونتسو دراما دائرية تتحرك العبارة فيها داخل الصميم المعتم لصراع العناصر البدائية من ماء ونار وغبار، ناضحة، في الوقت نفسه، بجو أسطوري، وكل ذلك عبر شخصيات هي بحد ذاتها غاية في الجمال، ولها جميعا قوة الظهور نفسها، فلشخصية "آنا" مثلا، كما يقول أحد النقاد، "قدمان في الظل وجبين في ضوء الحقيقة الأبدي"، فيما تجسد شخصية "بيانكا ماريا" العذرية المنقاة بنيران الشباب. من ناحية أخرى، فإن اختيار الشاعر لأطلال وخرائب مدينة "ميسينا" لتكون البيئة التي تدور فيها الأحداث، مع ما لهذا المكان من قيمة أركيولوجية وميتافيزيقية، إنما هو أمر يعمق البعد الأسطوري للعمل. ويصف الشاعر أمارجي هذا العمل بأنه "قصيدة حوارية هيكلها لا يستجيب للقوانين الاعتيادية التي تحكم البنية الدرامية، فهي مجردة من سمتي التناسب والنمو، وهذا ما يعزز عفوية كل من الجمال الشعري والعاطفة الشعرية للعمل". يذكر أن هذه التراجيديا التي انتهى دانونتسو من كتابتها عام 1896م، قدمت على المسرح في باريس بعد ذلك بعامين، وكانت البطولة فيها للممثلة المسرحية الشهيرة سارة برنار الملقبة بملكة المسرح التراجيدي.